نسخة معدلة 21-202013م
ملك، بدر ، والكندري، لطيفة (1434هـ-2012م). الفلسفة التربوية عند هورد غاردنر وسبل الافادة منها عربيا. مجلة العلوم التربوية. معهد الدراسات التربوية-جامعة القاهرة، المجلد 20-العدد 3 يوليو 2012 الجزء الأول.
الفلسفة التربوية عند هورد غاردنر وسبل الإفادة منها عربيا
أ.د. بدر محمد ملك
أ.د. لطيفة حسين الكندري
1433هـ-2012م
كلية التربية الأساسية – الكويت
مقدمة
أخذ المربون في أنحاء العالم يقدمون فلسفاتهم كل من موقعه الفكري في موضوع التربية والذكاء وقدموا مرئيات متنوعة على ضوء تجاربهم الميدانية، وبحوثهم المستفيضة، ومراجعاتهم النقدية المستمدة من محكات محددة. لم تعد التربية الراهنة قادرة – بحال من الأحوال- على إهمال هذه الرؤى والمفهومات والأسس والجدليات التي تشكل ملامح التربية الإنسانية المعاصرة. تهيمن النظريات التربوية على مجريات الواقع وتسهم في فتح أكثر من مسار يهدف إلى تشكيل عقل مرن متزن متفتح متجدد يتمتع بالفكر الخلاق المقترن بالعزم والمثابرة والابداع. من هذه الزاوية فإن فلسفة التربية وما يستتبعها من أهداف عامة ومناهج دراسية ووسائل تعليمية تتغير بحسب رؤيتنا لحقيقة الذكاء وسبل اكتسابه وتعزيزه في شخصية المتعلم.
تشير كلمة الذكاء في الأدبيات الإنسانية إلى قدرة على التحليل، والتركيب، والتمييز، والاختيار، والتكيُّف إزاء المواقف المختلفة. والذَّكاء الاجتماعيّ في العلوم الاجتماعية: حسن التّصرُّف في المواقف والأوضاع الاجتماعيّة (قاموس المعاني، 2011م). إن هدف التربية كان حتى وقت قريب تعلم الحقائق والمعارف التي وصل إليها العلم. والواقع أن هذا الهدف، بات قديماً، إن هدف التربية في عصر الفضاء وعصر الحاسوب يجب أن يكون التفكير، التفكير بكل معانيه. وهذا الهدف «التفكيري» يغير المناهج والطرائق والوسائل والبرامج والعلاقات وكل شيء آخر في البيت والمدرسة والمجتمع (عاقل، 2004م). وهكذا فإن علاقة التربية بالذكاء علاقة وثيقة.
قبل أكثر من مئة سنة ظهرت اختبارات الذكاء على يد إلفرد بينت وزملائه وذلك في عام 1904 ومذ تلك الفترة ظهرت محاولات حثيثة للوفاء بهذا الأمر. تعرضت اختبارات الذكاء القديمة لنقد شديد ويرى فريق من الباحثين “أن مقاييس الذكاء والقدرات العقلية هي أدوات غير علمية، وقائمة على التعصب والانحياز الكامل للطبقات الاجتماعية العليا. ولذا فإن أنصارها يرتكبون تحت ستار العلم أخطاء فادحة حين يقررون مصائر الناس بصورة غير إنسانية، ويحكمون على أبناء الطبقات الشعبية الكادحة بالغباء والتخلف العقلي (عامود، 2001م، ج1، ص 439). “ومن الجدير ذكره، أن معظم المواد المدرسية وأساليب التعليم والتقييم تركّز على المواد والمعلومات المرتبطة بالجانب الأيسر، وتهمل إلى حدّ كبير المواضيع المرتبطة بالجانب الأيمن، وهو الجانب الإبداعي” (حبش، 2011م).
ونظرا للانتقادات الشديدة للنظريات القديمة للذكاء ظهرت نظريات تحاول أن تتجنب التحيز وتسعى نحو الموضوعية بشكل أكبر وذلك بالاستعانة بعلوم عديدة ومناهج علمية جديدة. إن دراسة إرث هورد غاردنر ونظرية الذكاءات المتعددة تأتي في هذا المساق فهي وثيقة الصلة بالحديث عن علم النفس والاجتماع والتربية وأصبحت هذه الدراسات من القضايا المطروحة على مائدة البحث العلمي في الدراسات التربوية المعاصرة (p. 17 MacDougall, J & Trotman,). ارتكز غاردنر على معطيات العديد من الأبحاث عن المخ البشري، والمقابلات الشخصية الدقيقة، ومعطيات دراسة علم النفس النمائي وأنماط الشخصية ومكوناتها (الجندي ومرسي، 2006م، ص 136). وامتدت آثار هذه النظرية المصاغة بعناية لتؤثر في الممارسات التعليمية في الفصل الدراسي (Mitchell, 2008, 74). وبذلك أصبح أثر غاردنر عميقا ومألوفا في مفردات الفكر التربوي وفي تطبيقاته على حد سواء (Smith, 2008).
يسعى البحث الحالي إلى إبراز المبادئ التربوية عند هورد غاردنر وتحليلها وربط بعض انعكاساتها على الواقع التربوي في عالمنا العربي من حيث المشكلات والأهداف وطرق التعليم وسبل الوقاية والعلاج والتنمية. وإذا كانت كتب غاردنر تم ترجمتها لما يقارب من ثلاثين لغة إلا إن ترجمة كتب التربية – رغم ضعف حركتها في عالمنا العربي – بحاجة إلى جهد آخر يتمثل في تحليل ومناقشة ما تم ترجمته كي يتم الإفادة منها ما أمكن لذلك سبيلا.
ومن هذه الزاوية فإن المواهب والذكاءات بحاجة لرعاية. قال ستيفن كنج –الكاتب القصصي الشهير – “الموهبة أرخص من ملح الطعام، ما يفرق بين الشخص الموهوب والشخص الناجح هو العمل وبذل الجهد”. كل إنسان يود أن يكون سريع الفهم، والإدراك، وأن يتميز أطفاله بذكاء شديد ولهذا تتجه التربية الحديثة نحو تنمية ذكاء الفرد عبر تدريبه على مهارات عديدة تساعده ليكون متوقِّد البديهة قوي الفطرة والخاطر. وهذا ينسجم مع التربية الإسلامية التي ترسخ مفهوم التوازن وتحث على مهارة الفَهْمِ والتَّمْيِيزِ، وحسن التدبر والاختيار، وسلامة الاِسْتِنْتاجِ والتَّحْليلِ، وعمق الرؤية والتفكير ليكون الإنسان ذكيا وزكيا. وصدق الشاعر:
فما خلق اللـه مثل العقول ولا اكتسب المرء مثل الأدب
مشكلة الدراسة
بدأت المكتبة العربية في الآونة الأخيرة بترجمة كتب هورد غاردنر والكتب والدراسات المتمركزة حول نظرياته وهي بحاجة لتحليل وتفسير ومناقشة وربط على ضوء الإشكالات المعاصرة عالميا ومحليا . لا ريب أن الفكر النقدي الذي بثه هورد غاردنر في فلسفته تلامس قضايا عملية في الميدان التربوي فإلى أي مدى يمكن الإفادة من ذلك التراث الإنساني المتدفق؟
لم تسلم فلسفة من الفلسفات التربوية من السقطات والهفوات ولكن كيف يتم توظيف الجوانب الايجابية منها لرفد الواقع وتحقيق التنمية؟ هذا السؤال المهم في عالم التربية. لا يتحقق المراد إلا بمعرفة ملامح الفلسفات السائدة الكامنة وسبر غور مبادئها التربوية وتطويع النافع منها مع تطويرها لفهم الواقع وتقديم البدائل الناجعة وهو الأمر الذي يمكن تطبيقه مع نتاج هورد غاردنر التربوي.
قدم غاردنر نظريته في العام 1983م في كتاب بعنوان أطر العقل واستمر في تطويرها لما يزيد على عشرين عاما. لقد لاحظ غاردنر أن كثير ممن يتمتعون بقدرات عقلية أو موسيقية لا يحصلون في اختبارات الذكاء إلا على درجات متوسطة أو دونها (قطامي، اليوسف، 2010م، ص 55-56) مما جعله يتتجه نحو سبر غور هذا المجال. منح عالم النفس الأمريكي هورد غاردنر جائزة «أمير أستورياس» الإسبانية المرموقة للعلوم الاجتماعية لعام 2011م. اعتمدت لجنة التحكيم في منح غاردنر الجائزة على «جهوده الاجتماعية والأخلاقية لتحسين نظام التعليم». يعرف غاردنر بنظريته حول الذكاءات المتعددة والتي تشكك في اختبارات الذكاء التقليدية. تمكن غاردنر من التفريق بين 8 أنواع مختلفة من الذكاءات على الأقل وهي: الذكاء اللغوي – والذكاء المنطقي الرياضي – والذكاء الموسيقي – والذكاء المكاني – والذكاء الجسمي أو الحركي – والذكاء البيئي – والذكاء الشخصي الخارجي (المتعلق بالقدرة على التفاعل مع العالم المحيط) – والذكاء الشخصي الداخلي (المتعلق بقدرة الشخص على التوغل في نفسه وفهم انفعالاته) (الوطن، 2011م، ص 43). وأضاف غاردنر لذكاءاته ذكاءا محتملا هو الذكاء الوجودي المتعلق بمعرفة الإنسان لمعنى الحياة. لقد أصبحت أفكار هورد أساسا للكثير من الدراسات المعاصرة (ماكجينيس، 2007م، ص 5).
ومن هنا تحددت مشكلة الدراسة الحالية في الحاجة لدراسة فكر هورد غاردنر التربوي، وتعرف أبعاد فلسفته التربوية نظرا لأهميتها، ويمكن صياغة المشكلة في التساؤل الرئيس التالي : ما مبادئ التربية عند هورد غاردنر وكيف يمكن توظيفها في العالم العربي؟
ويتفرع من التساؤل الرئيس السابق الأسئلة الفرعية التالية :
- ما أهم أسس الفلسفة التربوية لهورد غاردنر؟
- ما أبرز المبادئ التي قامت عليها نظرية الذكاء المتعدد؟
- كيف يمكن توظيف فلسفة غاردنر في المؤسسات التربوية؟
أهمية الدراسة
النظر في أعماق الإنسان عبادة جليلة لقوله تعالى {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} (الذاريات: 21). إن تركيب خلق الإنسان يدل على عظمة الخالق سبحانه وبديع صنعه كما يدل على عوالم لا زالت مجهولة في الإنسان ذلك الكائن العجيب في تفكيره وتدبيره. لقد تتبع ابن الجوزي في كتابه الأذكياء مواقف وقصص النجباء وفي كل عصر وعبر القرون تصدر لدراسة هذا الموضوع طائفة من المهتمين لأن خير ما نقدمه لأولادنا وبناتنا إرشادهم نحو سبل تنمية ذكائهم عبر مُطَالَعَة الكتب والدراسة المنهجية … فهي تزيد العقل. قال سلفنا الصالح “الْعَقْلُ عَقْلانِ, غَرِيزِيٌّ وَهَذَا هُوَ الَّذِي لا يَزِيدُ وَلا يَخْتَلِفُ, وَالثَّانِي تجريبي يَخْتَلِفُ وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ بِحَسَبِ كَثْرَةِ الْمُمَارَسَةِ وَالتَّجْرِبَةِ” (السفاريني، 2002م، باختصار وتصرف).
ورد في مقدمة كتاب الأذكياء لابن الجوزي (510-597هـ-1116-1201م) لمحة عن (510ـ597هـ/1116ـ1201م)
أهمية دراسة هذا الأمر فقد ورد في مقدمة الكتاب “الحمد للـه الذي أحلنا محلة الفهم وحلانا حلية العلم وملكنا عقال العقل وزيننا بنطق المنطق ونعوذ به من كدر صفاء الفكر وعكر الذهن. إن أجل الأشياء موهبة العقل فإنه الآلة في تحصيل معرفة الإلـه وبه تضبط المصالح وتلحظ العواقب وتدرك الغوامض” (بتصرف).
وفي هذا السياق التراثي يمكن النظر إلى الذكاء على أنه وراثة وثقافة فهناك شق منه مطبوع (وراثي) وآخر مسموع يكتسبه الفرد بالتعلم والمعايشة وقابل للنمو والتغير. قال النحلاوي (2002 م) البلادة مَلكة يَقْصُر بها صاحبُها عن إدراك الخير والشر، وضدُّها: “الذكاء، والفطنة، وعلاج هذا الخُلق: السعي، والجِد، والمواظبة في التعلم، والدراسة، فإن البلادة تزول بذلك، وتضمحل شيئاً فشيئاً، حتى يصير ذكاءً وفطنة، قال: أبو حنيفة رضي اللَّه عنه لأبي يوسف: “كُنْتَ بليداً، أخْرجتك مواظبتك”.
وإلى اليوم فموضوع الذكاء قيد الدراسة المسهبة تبحث في نظريات تعلم الأطفال عند العلماء (Gray and Macblain, 2012 ) ولا يملك الباحثون نظرية واحدة لتفسير الذكاء بل تتعدد التفسيرات النفسية الغربية في هذا الأمر وتتداخل. لا زالت تلك الأبحاث تشغل الساحة العلمية وتستحوذ على انتباه الموسوعات الثقافية العالمية نظرا لأهميتها لا سيما في مجال التربية والتعليم وتستقطب جهود الباحثين في شتى الميادين (intelligence test 2011, intelligence, human, 2011. Education and technology : an encyclopedia, 2004). إذا كان الذكاء يتم فهمه سابقا عبر التأملات الفلسفية فإن الدراسات المعاصرة وظفت الابتكارات الحديثة والعلوم الطبية لاستيعاب العقل البشري الذي نعرف القليل جدا عنه ولا زال الطريق أمامنا طويلا.
وعلى المستوى العربي، هناك رصد تربوي للنظريات الغربية ومحاولة لتوظيفها في السياقات العربية (الكيلاني، 1997م، عبده، 2010م) حيث يمكن أن تحدث مثل هذه النظريات الجديدة تأثيرا إيجابيا في نظامنا التعليمي العربي ولو بعد حين (الخزامى، 2007م، ص 129) ويمكن في ضوء هذه النظريات تقييم وتطوير العديد من البرامج التربوية الإعلامية العربية (المشرفي، 2010م، ص 8).
تُعد الذكاءات المتعددة لهورد غاردنر من النظريات التربوية الحديثة ذات الانتشار الواسع في ميدان التعليم والتعلم، والتطبيقات التربوية. إن عطاء غاردنر مثال رائع للمفكر العميق القادر على المزاوجة بين النظرية والتطبيق. ومن جهة أخرى أشار غاردنر إلى علة الضعف التعليمي وانتقد بشدة النظام التربوي الذي يقوم على الحفظ والتلقين وانتقد هجر التجربة وطالب باعمال العقل وشحذ الحواس وهو الأمر الذي يهدد مستقبل الناشئة ومن أهم أسباب الوهن الحالي في معظم مؤسساتنا التعليمية بجميع مراحلها.
“ينبغي علينا أن نتعرف على التجربة التربوية في شتى أنحاء العالم، وأن نفيد منها، وأن يكون معيار تعاملنا معها مدى ملاءمتها لنا وقدرتها على إثراء حضارتنا” (علي، 2009م، ص 111). خرجت علينا في العقدين الأخيرين نظريات عديدة عن التعلم والتعليم. وجل هذه النظريات يركز على الجانب الخارجي (المظهر) لعملية التعلّم والتعليم ولم تغص إلى أعماق الطالب وإلى قدراته الفعلية كالذكاء مثلاً والقدرة على مواجهة المواقف والمشاكل وإيجاد الحلول. وفي أوائل الثمانينيات من القرن الماضي قام هورد غاردنر باعادة النظر جذريًا فيما يتعلق بالذكاء وآثاره على التعلّم والتعليم.
قدم غاردنر نظرية جديدة تقوم على أساس تميّز الفرد عن سواه، وأنه لا بد لكل إنسان من أن يتمتع ويتميّز بذكاء خاص به وحده. وأطلق على هذه النظرية “الذكاء المتعدد” Multiple Intelligences ، وكان لهذه النظرية التربوية التعليمية الأثر الأكبر في عملية التعلّم والتعليم حيث غيرت مفاهيم ومعتقدات كثيرة كانت تعتبر من المسلمات (خليل، 2011 م).
وفي الآونة الأخيرة كثر الحديث عن ما يسمى بـالذكاءات المتعددة. وللأسف الشديد نحن لانقيّم في أبنائنا غير عدد قليل من هذه الذكاءات غالبا الذكاء اللفظي اللغوي والذكاء المنطقي الحسابي, وهذا يهدر بقية ملكاتهم التي أودعهم الله إياها ويتركهم في حيرة ويجعلهم يشعرون بالدونية لأن ملكاتهم ليست لها قيمة عند الناس الذين يحبونهم ويرعونهم . وهذه النظرة المختزلة للأبناء لا تتوقف عند حدود البيت وإنما تمتد أيضا إلى المدرسة حيث يقوم النظام التعليمي على تقدير ملكات محدودة لدى الطالب (غالبا اللفظية اللغوية والمنطقية الحسابية) ويهمل بقية الملكات والذكاءات , ولهذا نجد الطلاب لا يحبون مدارسهم لأنهم لا يجدون أنفسهم فيها , وقد زاد من هذه المشكلة الانتشار الوبائى للدروس الخصوصية (المهدي، 2011م). ولعل من أعقد مشكلاتنا شيوع الحتم البيولوجي وأن الانسان يرث عقله فإما أن يكون ذكيا أو غبيا أو بين بين. ويترتب على هذا المعتقد استبعاد مسئولية التربية في تحديد بنية العقل وقدراته على التفكير (تركي، 2010م، ص 20).
تعاني معظم مدارسنا العربية من علل شتى أودت إلى ضعف المخرجات التعليمية ولا بد من إعادة النظر في فلسفتها وأدائها ولهذا كان لزاما علينا الاطلاع على الفلسفات المعاصرة المتميزة بغرض تطعيم الفكر العربي بما هو نافع وملائم لاحتياجاتنا وقدراتنا.
منهج الدراسة
يعتمد البحث الحالي على المنهج الوصفي القائم على الاستقراء والتتبع حيث تتبع الدراسة الراهنة الأفكار الرئيسة لغاردنر في كتاباته وكتابات الآخرين ثم تحليلها ومناقشة مضامينها وتطبيقاتها في ضوء الأدبيات التربوية ذات الصلة. سوف تكون أسئلة الدراسة هي الموجهة لمسار البحث أملا في الحصول على معطيات بحثية جديرة بخدمة الواقع والنهوض به.
مصطلحات الدراسة
الذكاء
الذكاء لغة بلوغ تمام الشيء وسرعة القبول والفهم (علي، 2011م، ص 308). الذكاء تركيب عقلي ديناميكي يمكن تحسينه (الجندي ومرسي، 2006م، ص 137) ويمكن قياس العديد من مظاهره. ومن معاني الذكاء أنه هو “القدرة على حل المشكلات أو إضافة ناتج جديد ذو قيمة من واحدة أو أكثر من الإطارات الثقافية معتمدا في ذلك على متطلبات الثقافة التي نحيا في كنفها” (حسين, 2005م, ص 64، سمارة والعديلي، 2008م، ص 98).
الفَلـْسَفَةُ
“الفَلـْسَفَةُ حقل للبحث والتفكير يسعى إلى فهم غوامض الوجود والواقع، كما يحاول أن يكتشف ماهية الحقيقة والمعرفة، وأن يدرك ماله قيمة أساسية وأهمية عُظمى في الحياة. كذلك تنظر الفلسفة في العلاقات القائمة بين الإنسان والطبيعة، وبين الفرد والمجتمع” (الموسوعة العربية العالمية، 2004م، باختصار).
ورد في كتاب قصة الحضارة “لنبدأ بتحديد مصطلحاتنا. سوف نعني بلفظة فيلسوف. كل إنسان يحاول أن يصل إلى آراء مسببة مقنعة عقلانية في أي موضوع مهما يكن، إذا نظر إليه في أبعاده العريضة. وفي تحديد أكثر، سنطلق هذا المصطلح على أولئك الذين يسعون إلى نظرة عقلانية إلى أصل الكون وطبيعته ومغزاه ودلالته ومصيره، والحياة أو الإنسان. ويجدر ألا نفهم الفلسفة على أنها ضد الدين أو أنها تتعارض معه، وينبغي أن نفسح في النظرة الواسعة للحياة البشرية مجالاً للدين” (ديورانت، ج38، ص 1، باختصار).
أسس الفلسفة التربوية
المبادئ الكلية التي تحدد الأهداف التربوية والأيديولوجيا المعرفية وما يلحق بها من مناهج وأنشطة دراسية وطرق ووسائل تعليمية وتقويمية تؤثر في مجريات الحياة.
أهمية الأسس الفلسفية تربويا
المعطيات الفلسفية هي نتاج التجارب والتأملات التي تستقر في ذاكرة التاريخ البشري والفلسفة من هذه الزاوية محصلة لما توصل له العقل البشري بعد سلسلة من الاستكشافات والاجتهادات والنقاشات ذات الصلة بمشكلات البشر في سعيهم الحثيث في التكيف مع الحياة والأحياء. إن الروح الفلسفية الكامنة في طبيعتنا البشرية تحثنا على التأمل والتروي والتفكر والتعقل في قضايا مصيرية. والفلسفة بطبيعة الحال لا تملك الحلول الخارقة للحياة ولكنها توسع النقاش في هذا الحقل الحيوي المفعم بالإثارة والاستنارة والتناقض أيضا. لا يمكن عزل الفلسفة عن التربية فهما وجهان لعملة واحدة ولعل استعراض الإرث التربوي منذ العصور القديمة يثبت ما سبق الافصاح عنه من صلة الفلسفة بالتربية لا سيما في قضية كيف نتعلم.
ومن المفارقات أن الذين أنكروا أهمية الفلسفة كعلم مهم نجدهم يستخدمون المفردات والأغراض والوسائل الفلسفية لتدعيم توجهاتهم واثبات حجتهم. تناقل المفكرون في كل الحضارات قضايا فكرية غاية في العمق لمعالجة مسائل التربية بأسلوب بليغ وعرض شائق. حرص المؤرخون على الحفاظ على تراث فلاسفة التربية كأسلوب للحياة في فترة من الفترات. هذه الموروثات يمكن الاستعانة بها في فهم روح التربية وتشعيباتها ومشكلاتها كمادة رئيسة قد تصلح اليوم لاستشراف المستقبل وتحسين المعيشة.
تبحث الفلسفة “عن الدقائق الفكرية في كل عصر، ولهذا كان لها تأثير في إنارة العقل وتدريبه على فتح أبواب الحقائق المصفودة” (ابن عاشور، 2007م، ص 154). وعليه فإن الفلسفة ليست نظرية، بل نشاطاً كما يقول الفيلسوف النمساوي لودفيغ فيتغنشتاين.
وعلاوة على ذلك فإن غاية الفلسفة السعي الموضوعي لتوضيح الأفكار الكلية والمهمة بأكبر قدر من الأدلة. قال ديكارت “إن حضارة الأمم وثقافتها إنما تقاس بمقدار شيوع التفلسف الصحيح فيها، ولذلك فإن أجل نعمة ينعم الله بها على بلد من البلاد هو أن يمنحه فلاسفة حقيقيين”. الفلسفة تمد التربية بالمنطلقات العامة فهي خريطة فكرية، والعمل التربوي هو تنفيذ عملي (علي وفرح، 2009م، ص 113، 203، 227، 266). والفلسفة قد تكون “رسم متطور لأحوال الإنسان، أو نظرة تعميمية، لا للكون والعقل وحدهما، بل للأخلاق والسياسة والتاريخ والعقيدة” (ديورانت، قصة الحضارة، ج28، ص 151).
وفي القرن الثالث الهجري قال الكندي (2009م) في كتابه الفلسفة الأولى “وينبغي لنا أن لا نستحي من استحسان الحق، واقتناء الحق من أين أتى، وإن أتى من الأجناس القاصية عنا، والأمم المباينة”. ولقد أدرك فيلسوف العرب الكندي قيمة الفلسفة فقال “إن أعلى الصناعات الإنسانية منزلة، وأشرفها مرتبة صناعة الفلسفة التي حدها: علم الأشياء بحقائقها بقدر طاقة الإنسان؛ لأن غرض الفيلسوف في علمه إصابة الحق” (ص 1، موقع الوراق).
وشرع الفارابي (المعلم الثاني) في بث المعاني الفلسفية واعتبر الحقيقة الفلسفية (philosophical truth) ذات صبغة عالمية وأخذ يتحدث عن الرموز الفلسفية بمزيد من التوضيح والربط والاعتداد بقيمة الفلسفة في حياة البشر (Al-Farabi, 2009). وكان ابن رشد يوفق بين الشريعة والفلسفة مما حدا بعدد من الغربيين اتباع نهجه في العصور الوسطى (Glatzer, 2009).
بدأ فلاسفة الجامعات بالشعور أن الفلسفة يجب أن تعمل شيئا للمساهمة في حركة اصلاح المجتمع والمدارس والأفراد من خلال بث التفكير الناقد في أطر معرفية وتربوية لاستغلال القدرات العقلية والطاقات الإنسانية (العياصرة، 2010م، ص 614). من بديهيات الأمور في الفلسفة التربوية أن المؤسسات التعليمية ومنها الجامعات والمعاهد ذات دور هام في التنمية بكافة أبعادها لأنها تعمل على توثيق ارتباط الناشئة بمجتمعهم وبيئتهم. يتحقق ذلك حين يقضي الطلبة بعض وقتهم في الاشتراك في برامج تعد لخدمة البيئة وتنمية المجتمع المحلي حسب احتياجاته وبما يتناسب مع الخطة الدراسية بحيث تتاح الفرصة للجميع بالمشاركة (عبدالله، 2008م، ص 24).تساهم الفلسفة بجميع أنساقها في تطوير المجتمع عبر تزويده بآليات التفكير الناقد.
تناول سعيد إسماعيل علي في كتابه الخطاب التربوي الإسلامي مظاهر ضعف التعـليم القائم في كثير من البلـدان العربية والإسلامية أهمها “افتقاد الفلسفة التربوية العامة، فمن المعروف أن فلسفة التربية هي التي ترسم الإطار العام الذي يوجه العمل التعليمي. إن الفلسفة ترسم الاتجاه وتعين المقاصد وتحدد الوسائل وإلا تحولت العملية التربوية إلى عمل عشوائي لا فائدة منه ولا رجاء (علي، 2005م، ص 56). ويذهب كثير من التربويين إلى هذا الرأي الذي يرى غياب الفلسفة التربوية في العالم العربي ورأس المشكلة اضطراب الدماغ المغذي للعملية التعلمية بكاملها ونعني بذلك اضطراب الفلسفة التربوية (مدكور, 2005م, ص 7 ص 15, 141). وفي الكويت تغيب فلسفة اعداد المعلم من يشكل خطرا على البيئة التعليمية وعلى عملية اعداد المعلم (انظر أيوب، 2013م).
إن فلسفة التربية هي “الميدان التطبيقي للفلسفة العامة حيث أن واجب الفيلسوف التربوي تطبيق مبادئ الفلسفة العامة على التربية. بمعنى أن فلسفة التربية هي الميدان الذي يبحث في المشكلات الفلسفية والاجتماعية من الزاوية التربوية ويبحث المشكلات التربوية بحثا فلسفيا – اجتماعيا. وهذا يعني أن فيلسوف التربية لا بد له من أن يكون ملما بمفاهيم العلوم الأخرى للإفادة منها في ميدان التربية” (سمارة والعديلي، 2008م، ص 122).
إن العلم هو العمود الفقري للفلسفة، والفلسفة باختصار تنسيق بين المعرفة والرغبة كما يرى جون ديوي (ديورانت، 2004م، ص 54، 56). المربي، كما يقول جون ديوي، يجب أن يكون فيلسوفا، والفيلسوف يجب أن يكون مربيا بالضرورة (وطفة، 2011م، ص7). وقال جون ديوي “أفكر أحيانا في الكف عن تعليم الفلسفة مباشرة لأدرسها من خلال علم التربية” (وستبروك، 2993، ص 157). وحال المربي كحال الصقور التي لا تستطيع أن تحدد أهدافها إلا من الذوة والعلى، ومن غير هذا التحليق في الأجواء والآفاق يتحول المربي إلى أعمى (وطفة، 2011م، ص 8).
ومن المفردات المفتاحية المرتبطة بتعاطي الفلسفة، النظرية كمفهوم يعطي الفكر المزيد من القوة والرحابة والاستمرارية. وفي الاصطلاح تُعرف النظرية بأنها: “مجموعة من المفاهيم والتعريفات والافتراضات المترابطة تقدم نظرية نظامية إلى الظواهر، يتم فيها تحديد المتغيرات التي تؤثر في كل منها والعلاقات بين هذه المتغيرات بهدف وصف هذه الظواهر وشرحها والتنبؤ بها” (سمارة والعديلي، 2008م، ص 169).
يقترح بعض علماء الشريعة أن مادة الفلسفة في المدارس يمكن حذفها أو جعلها مادة اختيارية لأن الفلسفة تتعارض مع الإسلام إذ أجمع الجمهور من علماء المسلمين على ذلك. ولقد ألغت بعض الدول العربية من مدارسها تلك المادة الدراسية لأسباب دينية (اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية التابع للديوان الأميري، 1999م، ص 102-103). هذا الخوف من الفكر النقدي والتضييق على الفلسفة سبب عدم وجود كثرة من المفكريين في عالمنا العربي (وطفة، 2011م، ص 507).
يذهب بعض الباحثين إلى أن الفلسفة في العموم منافية لطبيعة الروح الإسلامية، ولهذا “لم يقدر لهذه الروح أن تنتج فلسفة، بل ولم تستطع أن تفهم روح الفلسفة اليونانية، وأن تنفذ إلى لبابها، وإنما هي تعلقت بظواهرها ، ولم يكن عند واحد من المشتغلين بالفلسفة اليونانية من المسلمين روح فلسفية بالمعنى الصحيح وإلا لهضموا هذه الفلسفة وتمثلوها واندفعوا إلى الانتاج الحقيقي فيها وأوجدوا فلسفة جديدة شاءوا ذلك أم لم يشاءوا” (بدوي، 1946م، ص ز).
ولهذا تستخدم كلمة الفلسفة بالذم أحيانا في تراثنا العربي وبلغ العقم الفكري إلى درجة رواج مسلمة سيئة تقول: لا تتفلسف (الشلفي، وآل رشي، 2011م، ص 8) وفي تراثنا من تمنطق تزندق، وورد في في اللهجة الكويتية “المتفلسف: هو الشخص الذي يصطنع العلم بالأشياء ويحاول استعراض ما لديه من معلومات بصورة متعالية. في اللغة: فلسف: الفلسفة: الـحكمة، أعجمي، وهو الفـيلسوف وقد تفلسف” (الرشيد، 2010م). تعرضت الفلسفة لظلم شديد رغم أنها علم من العلوم النافعة.
تركز فلسفة التربية – بما فيها من نظريات متناغمة تارة ومتغايرة تارة أخرى- على طبيعة وأهداف ومشكلات التربية وانعكاساتها على النظرية والتطبيق كما تشير الموسوعة البريطانية في حديثها عن فلسفة التربية (education, philosophy of, 2011). إن النظريات التعليمية في مجملها ناشئة عن تفكير منهجي وملاحظات دقيقة أو قريبة من الدقة لكنها بما أنها اجتهادات بشرية فإن النقص -لا محالة- يشوب عدد من طروحاتها، ويعكر من صفو الكثير من مساراتها.
للفلسفة تطبيقات عملية فالمدارس والبيوت قد لا تشجع الطالب المبدع إذا كانت تتبع من رؤية خاطئة. الطفل الذي يحفظ ما في الكتاب ويقول ما يقوله المعلم طالب «ذكي» ممتاز يستحق النجاح وينال الدرجات العالية. أما الطالب الذي يخرج على المألوف، ويناقش المعلم، وينتقد الكتاب، فكثير ما يقال عنه أنه طالب مشاغب يجب إسكاته وتأديبه، لكن هذا الطالب المخالف، الناقد هو في الأغلب الطالب المبدع. وفي اليد أن يسمح له بالانطلاق والإبداع أو أن يكبت وتقتل مواهبه. وإذا كان لابد من تغيير هدف التربية فلا بد من أن تغير طرائقها ومناهجها، وأساليب تقويم الطلاب خاصة، وفلسفة التعليم (عاقل، 2004م، باختصار).
لقد بذل المربون عبر العصور جهدا ملموسا لتبسيط الفلسفة وربطها بالمعطيات الحياتية. هناك مناطق مشتركة بين التربية والفلسفة فالتربية لها غايات منها كسب المتعلم للمعرفة، والفلسفة تتساءل عن مصادر المعرفة وإمكاناتها ووسائلها (علي، 2011م، ص 204). واجهت الفلسفة عقبات وتقلبات عديدة ولكن لا مفر منها. الفلسفة في نهاية المطاف رؤية عامة للقضايا المصيرية من مثل كيف نتعلم؟ وما هو الذكاء؟ ما حدود الاختلاف وما أسبابه؟ وما أفضل سبل التدريس الفعال؟ عبر هذه الأسئلة نرسم الاطار العام للتربية وغيرها ويتبع الإنسان المسائل الحساسة الكبرى المؤثرة في حياته والجاذبة لذهنه ليتبصر في عدد من قضايا الدين والسياسة والاقتصاد والثقافة . إن الفلسفة التربوية غاية في الأهمية لأن كل شيء له معان مخفية أو متعددة من النافع معرفتها أو ابرازها وربطها بالواقع وهو ما سيتم التركيز عليه والخوض فيه في هذه الدراسة.
واليوم اتسع نطاق الفلسفة وأصبحت تشق طريقها نحو العامة حتى دخلت في مطاوي الأفلام السينمائية والعروض المسرحية. إن الدراسات التي تبحث في الأفلام وموضوعاتها وإشكالياتها وآفاقها غالباً ما تتوكأ على الأفكار الفلسفية وتستعين بإنتاج الفلاسفة على اختلاف تياراتهم ومدارسهم. من هنا تأخذ هذه الأفلام التي تستند في بعض جوانبها على معطيات فلسفية توقظ مدارك الفكر لدى المشاهد وقد تعلمه أنماطا جديدة في التفكير. وفي هذا السياق المتنامي فإن الفلاسفة وبخاصة أولئك المهتمين في قضايا علم الجمال وفلسفة الفن أبدوا منذ نشأة السينما اهتماماً كبيراً في الأفلام التي أخذت تتنوع موضوعاتها وتأخذ أهمية أكبر في حياة البشر. وعلى الرغم من أن أناساً كثيرين مازالوا ينظرون إلى السينما والأفلام على أنهما بالدرجة الأولى جزء من صناعة الترفيه والتسلية وقضاء وقت الفراغ إلا أن شعوراً متنامياً باعتبارهما جزءاً من الثقافة البشرية التي تنزل بالعلاقات الإنسانية والاجتماعية تأثيراً كبيراً. في الآونة الآخيرة أصبح سائداً في أوساط المجتمع الأكاديمي والثقافي تداول مصطلح «فلسفة الفيلم». يشير ذلك المصطلح إلى نشاط فكري يمارسه المختصون بالفلسفة ممن يركّزون اهتمامهم بالموضوعات التي تطرحها الأفلام بصفة عامة، ويرى هؤلاء المختصون في بعضها ممارسة فلسفية خالصة (مبارك، 2011م، ص 52).
وبناء على ما سبق فإن الفلسفة أو بعض فصولها شقت طريقها نحو عامة الناس فضلا عن المثقفين والمعنيين بقضايا الفلسفة. وعلى نطاق الطفل يشير مصطلح (P4C) إلى حق الأطفال في تعلم الفلسفة (philosophy for children) حسب نموهم بمعنى تعليمهم منذ المراحل الأولى وفي المرحلة الابتدائية الحرية والحياة والطلاق والموت والمفاهيم الحياتية الأساسية للإنسان بشكل فطري مبسط بما يخفف الآلام دون الزج بهم في نقاشات عقيمة (اليونسكو، 2009م، طه، 2004م، ص 219).
يرى مونتيني Montaigne “بأن المرء لا يمكن أن يكون صغيرا لدرجة أنه لا يستطيع ممارسة الفلسفة. وهذا يعني أن ممارسة الفلسفة في مستوى التفكير والمنهج إمكانية قائمة للجنس البشري بعيدا عن التفاوت في الأعمار والأزمنة. وهذا يعني أيضا أن الصغار يستطيعون ممارسة الفلسفة ممارسة ذهنية. ولا يقف مونتيني عند هذا الحد بل يذهب إلى أبعد من ذلك ليرى في الفلسفة مصدرا حيا وثرا من مصادر السعادة الإنسانية. الفلسفة قابلة للتعلم بوصفها ممارسة وليس مجرد مادة مجردة. الممارسة الفلسفية هي نوع من المشاركة والحوار والبحث الإنساني، وبالتالي فإن التجربة الفلسفية تنبع من هذا الحوار المفتوح غير المتوقع، حيث تكون الأسئلة الحيوية والجوهرية مطروحة دائما لمخاطبة العقل الإنساني وملكاته الفكرية الحيوية”[1]. ولقد أدرك أحمد شوقي أهمية فلسفة العلوم فقال :
إن للعلِم جميعاً فلسفهْ مَنْ تَغِبْ عنه تَفُتْهُ المعرفة
وفي هذه السياق ينظر التربويون اليوم للطالب في المرحلة الابتدائية كباحث أو مساعد باحث صاحب وعي نقدي يبحث ويسأل وينتقي وهو توجه عملي جديد يعطي الطفل المزيد من القوة في العملية التعليمية (Bucknall, 2012). وفي هذا الاطار الفلسفي ينظر المربون للمعلم أيضا كباحث ولقد “كانت هناك قراءات معمقة في الفكر الفلسفي التربوي قديمه وحديثه مثل أفكار باولو فريري البرازيلي وجون ديوي الأمريكي، وفيجوتسكي الروسي، وبياجيه السويسري، و برونر، وآراء هوارد جاردنر عن أنواع الذكاء والعقول المفتوحة الباحثة عن المعرفة. هذه الاستبصارات أوجدت رؤية عند لوريس ملاجوزي (1920-1994) الأب الروحي والمؤسس لما يعرف الآن عالميا بأسلوب ريجيو إيميليا فأصبحت واحدة من أفضل مدارس العالم (انظر الجعفر، 2012م، ص 4، اليربوع، 2012م).
إن الفلسفة كما يقول علي وطفة (2013م) “منهاج يعمل على بناء أفكار تربوية ويحرض على التأمل والبحث والنظر. في الفلسفة لا يوجد هناك حلول سحرية، لأنها ممارسة فكرية معقدة وصعبة، إنها نشاط يحيل ذاته إلى دائرة التساؤل. حيث لا يمكن لأحد ما أن يستبق تساؤلات الآخر، وليس لأحد ما أن يتفلسف من أجل الآخر. والفلسفة يمكنها أن تكون أداة حرية وتحرير لأنها تعطي مساحة كبيرة للتساؤل. ويمكنها أيضاً أن تسمح للأطفال بالتفكير بأنهم في مرحلة تاريخية محددة وأن تجعلهم يفكرون في ذاتيتهم. وبهذا المعنى فإن المعلم المبدع هو الذي يساعد الأطفال على التفكير والتأمل. وهو من أجل ذلك يجب عليه أن يتحرر من قهر الأنظمة التقليدية القائمة وأن يخرج من عباءة المناهج الكلاسيكية ويرفض أدواتها” (باختصار[2]) .
ويرى هينس (Haynes, 2008) أهمية الاطلاع على مجالات التربية الفلسفية للمعلمين والطلبة على حد سواء (Haynes, 2008). يؤمن الباحث بأن الفلسفة تعينهم على تطوير علمهم وخبراتهم وسلوكهم لأنها تقوم على الحوار السقراطي وتأسيس الوعي وتشجيع البحث الموضوعي واعلاء عنصر الاختيار وتحمل المسئولية والامتناع عن الأفعال المضرة . أفاض هينس في شرح فكرة العناية بالأطفال كفلاسفة (Children As Philosophers) وطالب بأن يتم تطعيم المناهج الدراسية ذات الصلة بالعلوم الإنسانية وغيرها بمفاهيم فلسفية أساسية تناسب حياة وخبرات الطفل. وظف هينس كتابات هورد غاردنر عن التفكير في كتابه في عدة مواطن (Haynes, 2008, p. 39-40, 145-6) . طبقا لدراسة هينس فإن البحوث الميدانية تشير إلى أن تقديم الفلسفة الملائمة للطفل في المدرسة تنمي الثقة لدى المتعلم كما تطور المهارات اللغة اللغوية على حد سواء. علاوة على ذلك فإن الفلسفة تعين الطفل على تحقيق نتائج أفضل في مادتي العلوم والحساب. وتشير الدراسات إلى أن الفلسفة تجعل الطفل يسأل أسئلة وجيهه عند سماع القصص كما تتحسن مهارات الطفل الفكرية الأخرى مثل التعاون والتفاوض والاستماع والتحدث (p. 158, 159).
ولقد أدركت منظمة اليونسكو أهمية الفلسفة وعند إعلان يوم عالمي للفلسفة في عام 2005، شدد المؤتمر العام لليونسكو على أهمية هذا التخصص بوجه عام، ولا سيما بالنسبة إلى الشباب، مشيراً إلى أن “الفلسفة تخصص يشجع الفكر النقدي والمستقل الكفيل بالإسهام في تحسين فهم العالم وتعزيز التسامح والسلام… إضفاء الطابع المؤسسي على يوم الفلسفة في اليونسكو بتحويله إلى يوم عالمي للفلسفة من شأنه أن يشكل اعترافاً متجدداً بمكانة الفلسفة وأن يعطيها دفعة قوية، وخاصة فيما يتعلق بدعم تدريس الفلسفة على الصعيد العالمي”. ولقد أوردت منظمة اليونسكو على صفحات موقعها الرسمي “وبالنسبة إلى اليونسكو، تجسد الفلسفة عملية تفكير شاملة توفر تحليلاً ينبغي أن يغطي جميع التخصصات من أجل تحسين فهم عالمنا وتحديد استجابات مناسبة لما نواجهه من تحديات. ويؤدي الفلاسفة دوراً مهماً جداً في توضيح التحديات المعاصرة، ولا سيما التحديات المتعلقة بالأخلاقيات والعدالة. وتعتبر المنظمة أن مسائل التفكير النقدي والاستشراف والمنطق الأخلاقي هي عناصر مهمة جداً لبناء مجتمع سليم. وتسعى اليونسكو بالتالي إلى تعزيز المنظور الفلسفي في جميع برامجها ومجالات عملها وصحيح أن اليونسكو تتولى قيادة اليوم العالمي للفلسفة، ولكن هذه المناسبة لا تخص المنظمة فقط، بل تخص جميع الأشخاص الذين يهتمون بالفلسفة، أينما وجدوا”.
ويمثل اليوم العالمي للفلسفة عملية جماعية للتفكير الحر والمنطقي والمستنير في التحديات الكبرى المرتبطة بعصرنا هذا ويُشجَّع جميع شركاء اليونسكو (أي الحكومات الوطنية والمؤسسات والمنظمات العامة التابعة لها، بما في ذلك اللجان الوطنية لليونسكو، والمنظمات غير الحكومية، والرابطات، والجامعات، والمعاهد، والمدارس، وشبكات برنامج توأمة الجامعات، والكراسي الجامعية لليونسكو، والمدارس المنتسبة وأندية اليونسكو المعنية، وما إلى ذلك) على تنظيم أنشطة متنوعة تتعلق بالموضوع العام لليوم العالمي للفلسفة، مثل الحوارات الفلسفية والنقاشات والمؤتمرات وحلقات العمل والفعاليات الثقافية والعروض المختلفة، وذلك بمشاركة فلاسفة وعلماء من جميع التخصصات المتصلة بالعلوم الطبيعية والاجتماعية، ومربين ومعلمين وطلبة وصحفيين وغيرهم من ممثلي وسائل الإعلام، والجمهور العام.
وقالت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو بمناسبةاليوم العالمي للفلسفة 2012 “إن ممارسة الفلسفة نشاط دينامي يعود بالنفع على المجتمع بأسره. فهي تساعد على مد الجسور بين الشعوب والثقافات…”.
نبذة عن حياة غاردنر
ولد غاردنر في ولاية بنسلفانيا (Pennsylvania) الأمريكية في عام 1943 م ، لأبوين من أصل يهودي ودرس في جامعة هارفرد وتأثر كثيرا بالعالم الأمريكي إرك أريكسون وجان بياجيه وجيروم برونر (نوفل، 2010م، ص 94) وداروين. كان إرك أريكسون يعطيه الطموح والدافعية ليصبح عالما (Kornhabe, 2007, 273).
عاش غاردنر في أسرة مكافحة تبحث عن الأمان حيث هرب والداه من ألمانيا النازية لأسباب دينية وقبل ميلاد غاردنر توفي أخوه إريك وهو صغير في سن الثامنة. الحادثتان لم تكونا ذات أهمية كبرى في طفولة غاردنر حينئذ فلم تكن هناك مناقشات حولهما ولكن الحادثتين بالتأكيد تركتا أثرا بالغا في نفسه ونموه الفكري مع مرور الوقت والتقدم في السن. أقبل غاردنر في صغره على ممارسة الرياضة والموسيقى والقراءة والكتابة وكان نهمه شديدا لتنمية ميوله ومواهبه الفنية والعقلية.
قدم غاردنر تاريخا شخصيا لبداية تفكيره في نظرية والذكاءات وكيفية تطويرها. كان غاردنر في صدر شبابه مهتما بالعزف على آلة البيانو وبالعديد من الفنون الأخرى وتمتع بقدرة هائلة على الملاحظة والتأمل. قال غاردنر عن نفسه لقد كنت طفلا مجتهدا اكتسبت الكثير من متعة التعلم من العزف على البيانو. واستمرت الموسيقى تلعب دورا مهما طوال فترات حياتي.
بالإضافة إلى اهتماماته العلمية، لمس غاردنر أثناء دراسة علم النفس المعرفي، أن هذا العلم لا يولي اهتماما كبيرا لفهم الفنون. هذه الملاحظة الدقيقة فتحت له مسائل إنسانية حساسة أخذ يتفحصها على نحو أكثر عمقا وأرحب أفقا. وهكذا دفعه هذا التفكير إلى الحاجة إلى دراسة الذكاء عمليا من منظور أوسع.
ومن ناحية أخرى بدأ غاردنر حياته المهنية بدراسة الأفراد المصابين بجلطات دماغية أو أعطاب في أماكن مختلفة من المخ، وما يترتب على هذه الإصابات من نتائج تتعلق بالوظائف النفسية المختلفة كالذاكرة واللغة والانتباه وغيره. وقد دفعه هذا إلى دراسة التنظيم العصبي للقدرات العقلية في المخ. وأصبحت الفرصة مواتية لدراسة الذكاء عندما اشترك غاردنر بالمشروع صفر وهو مشروع بحثي أسسه الفيلسوف نلسون غولدمان في جامعة هارفرد العام 1967 م بهدف دراسة النمو المعرفي لدى الأطفال والتضمينات التربوية المرتبطة به (طه، 2006م، ص 230).
التحق غاردنر ببرامج الدكتوراه في جامعة هارفرد عام 1966 م وحينئذ ارتبط تربويا بمشروع (Project Zero research) في العام 1967م حيث تعمق في دراسة العقل الإنساني والسلوك البشري وعمل مع مجموعة كبيرة من المتخصصين في هذا الغرض إلى أن انتهى به المطاف إلى بلورة نظرية تعليمية برغماتية جديدة اكتسحت الميدان التربوي والمعروفة بنظرية الذكاءات المتعددة (multiple intelligences). مشروع جامعة هارفرد كان جوهر اهتمامات غاردنر وأساس نموه العلمي والعملي.
ساهم توماس آرمسترونغ بصورة كبيرة في نشر أفكار غاردنر وتطبيقها في الميدان التعليمي وقام بتنظيرها على نحو موفق. وضع توماس الكثير من التمارين والمؤشرات لقياس كل نوع من الذكاءات (حسين، 2005م، ب، ص 280). انتشرت كتب توماس في أنحاء كثيرة من العالم وتم ترجمتها إلى لغات عدة. ولقد استفاد دانيال غولدمان من نظرية الذكاءات وساهم في تعضيدها (حسين، 2005م، ت، ص 142). وقام كثير من الباحثين ببناء دراساتهم بناء على نظريات هورد جاردنر في قطاعي التعليم والأعمال التجارية (ألبريخت، 2008م، ص 8). ركز غاردنر أبحاثه في مجال علم النفس والتربية والاجتماع حتى غدا أحد أبرز علماء التربية (Kornhabe, 2007, 273). اقترح جاردنر سبعة أنواع من الذكاءات ثم أخذ يضيف لها إلى أن وصلت تسعة أنواع وترك الباب مفتوحا لزيادات مقترحة.
اهتم غاردنر بالطفل ونموه العقلي وعمل جاهدا على إبراز جوانب القوة لديه وحمايته من وأد طاقاته وحذر من تجاهل مواهبه. ولقد اطلع غاردنر على تجربة ريغيو إميليا في إيطاليا وسجل ملاحظاته وهي من أفضل مدارس العالم في مجال حضانة الأطفال ورياض الأطفال. قال هورد عن تجربة ريغيو إميليا إنها تجربة تعليمية عالية الجودة (غاردنر, 2008، ص 193، إدوارز، 2010م).
وحققت كتب هورد غاردنر انتشارا واسعا أغرته بمواصلة مشواره لا سيما أنه قد شاهد المدارس في العديد من الدول تطبق نظرياته التربوية. أشهر كتبه العقل غير المدرسي، أطر العقل: نظرية الذكاءات المتعددة. وقام بترجمة الكتابين: محمد بلال الجيوسي تحت إشراف مكتب التربية العربي لدول الخليج. وكتاب خمسة عقول من أجل المستقبل، نقلته إلى العربية: هلا الخطيب. في العموم كتب غاردنر ما يزيد عن 26 كتابا ومئات المقالات العلمية.
والمتتبع لسيرة غاردنر يلاحظ بجلاء دور المؤسسات البحثية والطبية في دعم أبحاثه مثل دعم جامعة أكسفورد ومؤسسة فان لير والمعهد الوطني للأمراض العصبية واضطرابات الاتصال والجلطة الدماغية، ومؤسسة ماركل، وقسم العلوم العصبية بجامعة بوسطن. هذه الجهات وغيرها وفرت الدعم الحقيقي لمسيرة غاردنر الفكرية وأتاحت له –ضمن ظروف أخرى- فرصة الإبداع والتحري والسعي واغتنام ثمرة العمل الجماعي. يقوم هورد حاليا بتدريس مادة المعرفة والتعليم في جامعة هارفرد.
وظف غاردنر شبكة الانترنت في نشر أفكاره على مستوى عالمي وقام أنصاره من مثل توماس آرمسترونغ (Thomas Armstrong) بتقديم محاضرات ودورات في هذه النظرية مع تقديم الرد لتفنيد الشبهات حول توليفات الذكاءات المتعددة وخرائطها التنموية المتنوعة ودورها في إصلاح النظام التعليمي. ليكفي المربي الاطلاع على نظرية الذكاءات بل لا بد من التخطيط المرن للنهوض بها عمليا، وتفعيلها ميدانيا، وتخطي الصعاب التي تعترض هذه التربية الشاملة. هكذا حدد غاردنر رسالته، ووضع منهجه، وصبغ حياته ولا زال باحثا عن المزيد من ينابيع الذكاءات يستكشفها وفق محكات ملموسة وأدلة كافية. وجد هذا الرجل ضالته في المدارس التي تطبق نظريته وفي نواتج الأبحاث الميدانية ذات الصبغة الطبية فاستطاع أن يشغل الأوساط النفسية والتربوية بأفكار حافلة وتطبيقات فاعلة من شأنها أن تثري حياة الفرد والمجتمع في آن واحد.
محاور الدراسة
المحور الأول: الأسس الفلسفية لنظرية جاردنر
للفلسفة تأثير كبير في حياتنا اليومية، والفكر الفلسفي جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان ومنهج تعلمه؛ فما من أحد إلا وقد وجد نفسه بين الحين والآخر مُحتارا أمام أسئلة يغلب عليها الطابع الفلسفي من نوع: ما معنى الحياة؟ ما الذكاء؟ ولمعظم الناس نوع من الفلسفة من حيث نظرتهم الشخصية إلى الحياة. يستطيع الإنسان بدراسة الفلسفة، أن يوضح جوانب الغموض في مُعتقداته، فيدفعه ذلك إلى التفكير في المسائل الأساسية، ويصبح قادرا على دراسة آراء الفلاسفة القدامى، لكي يفهم لماذا فكروا على النحو الذي فكروا فيه، وأي أثر يمكن لأفكارهم أن تحدثه في حياته.كما أن العديد من الناس يجدون متعة في قراءة آثار كبار المفكرين خصوصًا كبار الكتاب منهم (الموسوعة العربية العالمية، 2004م، باختصار).
وعندما نلتفت إلى نهايات الربع الأخير من القرن الماضي وبداية القرن الحالي لأخذ الدروس والعبر الفلسفية بعين تربوية فاحصة، فليس من الصعب أن نجد أن هورد غاردنر (Howard Gardner) كان ولم يزل من أبرز رموز التربية وتشكل أفكاره في مجملها فلسفة عامة ومحاولات جديد للإجابة عن أسئلة تعليمية أساسية كما تعالج مشكلات جوهرية في هذا الشأن.
أفضل وصف لنظرية الذكاءات المتعددة أنها فلسفة للتربية باعتبارها برنامجا يتألف من أساليب محددة واستراتيجيات معينة وتقدم للمربين فرصة كبيرة ليصوغوا على نحو خلاق مبادئها الرئيسة في مواقف تعليمية لا حصر لها (جابر، 2003م، ص 5، آرمسترونغ، 2006م، ص 58، 121).
بدأ غاردنر تطوير فلسفته التربوية في الذكاء المتعدد عبر بيان التضمينات التربوية لنظريته على أساس نقد اختبار الذكاءات التقليدية باعتبارها ضيقة الأفق ولا تراعي سوى قياس نوعين فقط من أنواع الذكاء هما الذكاء اللغوي والذكاء المنطقي-الرياضي (طه، 2006م، ص 255 ). هكذا قام غاردنر بتأطير جهوده لتدخل عالم المعرفة المتنامية (غاردنر، 2004م، ص 662) ولتصبح من جذور المجتمع التربوي (Campbell. B & Campbell, 1999, p. 2)، ولتقديم فهم أعمق للفكر الإنساني ولترشيد الممارسات التعليمية. يؤمن هورد أن كل البشر يمتلكون ذكاءات متعددة (ملكات عقلية أو مواهب أو قدرات) بنسب متفاوتة وأنها من أهم مفاتيح مهارة حل المشكلات ومن أبرز عوامل النجاح في المدارس وفي مناشط الحياة عموما Walters, J & Gardner, 1985)). هذه النظرية في التعليم الحديث من أهم نظريات التعلم (مردان وآخرون، 2004 م، ص 139، خوالدة، 2004م، ص 29) وهي في حقيقتها فلسفة شبه متماسكة توجه التعليم (حسين، 2007م، ص 53) نحو التركيز على الخبرات التعليمية المتنوعة وتقليص التعليم التلقيني. وهذا التوجه الفلسفي يتسق مع بعض مقولات أفلاطون وروسو وديوي وبستالوتزي. وبذلك تندرج أفكار غاردنر ضمن الفلسفة التقدمية ممارسة وتطبيقا وترسم الاطار العام للتربية على نحو عملي.
يقول توماس آرمسترونغ (Thomas Armstrong, 2010) إن نظرية الذكاءات المتعددة جذبت أنظار العديد من المربين في أنحاء البلد، ومئات المدارس مؤخرا تستخدم فلسفتها لتصمم طريقتها في تعليم الأطفال. ومن الأخبار الحزينة أن هناك آلاف المدارس هناك لازالت تقوم بالتدريس بنفس الطرق القديمة التي تعتمد على المحاضرة المملة فلا تكتشف المهارات الكامنة والذكاءات العديدة لدى الطلبة.
حظيت قضية الاختبارات المدرسية –الفصلية والنهائية- مكانة كبيرة في النمط التقليدي للتعليم بل تكاد تكون الركيزة الوحيدة لتقييم الطالب. ولكن فلسفة نظرية الذكاءات المتعددة لا تعتمد كلية على الاختبارات القصيرة والطويلة بل لديها تشكيلات من تجارب التقويم (آرمسترونغ، 2006م، ص 121، 125) منها السجلات السردية التي تحتفظ بإنجازات الطلبة، وأشرطة سمعية، وعينات من الأعمال، وأشرطة فيديو، والتصوير الفوتوغرافي لأعمال الطلبة، ومفكرات الطلبة، وسجلات يحتفظ بها الطلاب، ورسوم بيانية اجتماعية، واختبارات غير رسمية، واستخدام غير رسمي للاختبارات المقننة، ومقابلات الطلاب، والخرائط الصفية. يستطيع المعلم أن يجعل التقويم على حسب أطياف الذكاءات المتنوعة.
تمتاز فلسفة الذكاءات بوضوح الأفكار وجلاء المصطلحات إلى حد كبير لدى أهل الاختصاص وللساحة التربوية عموما. “يقرر جاردنر (Howard Gardner) أن الذكاء هو قدرة الفرد على حل المشكلات، وعلى تصميم وبناء منتج له قيمته في العرف الثقافي السائد” (جسور تربوية، 2011م، العدد الثاني والعشرون). تقوم فكرة أنواع الذكاء التسعة (تريفيل, 2010م، ص 224، نوفل، 2010م، ص 101) على العناصر التالية:
- ذكاء لغوي (ذكاء لغوي) (Linguistic intelligence).
- ذكاء منطقي. رياضي (ذكاء العدد والاستدلال العقلي) (Logical-mathematical intelligence).
- مكاني (ذكاء الصورة والخيال) (Spatial intelligence).
- ذكاء جسدي. حركي (ذكاء الجسد) (Bodily-kinesthetic intelligence).
- ذكاء موسيقي (ذكاء النشاط الموسيقي) (Musical intelligence).
- ذكاء العلاقات بين الناس (ذكاء اجتماعي: بينشخصي) (Interpersonal intelligence).
- ذكاء شخصي (ذكاء خاص بالذات) (Intrapersonal intelligence).
- الذكاء الطبيعي (Naturalist intelligence).
- ذكاء وجودي (Existential intelligence) وقد يتبعه أيضا الذكاء الروحي والديني (spiritual intelligence).
تقوم فلسفة نظرية الذكاءات المتعددة على الإيمان بأن كل إنسان يمتلك العديد من الذكاءات التي لا يمكن تنميتها من دون الإيمان بها أولا وتنويع وسائل تنميتها ثانيا، والاستمرار في هذا النهج ذلك ثالثا. إن إيمان المربي بقدرات الأطفال لا يقل أهمية من إيمان المتعلم بنفسه وقدراته. المعتقدات السلبية الخاطئة والإيجابية الصائبة ذات تأثير كبير في السلوك الإنساني وهي محركات لكوامن النفس، وعبر قنواتها تتشكل العادات الشخصية وتنتظم الأفعال للحصول على ما نصبو إليه من إشباع للحاجات وتحصيل مطالب الحياة. السلوك السليم والتواصل الصحيح في معظم الأحيان ثمرة لما نخطط له على ضوء معتقداتنا وأفكارنا واجتهاداتنا. الذهن بكل تحليلاته وتفاعلاته يسيطر على جسد وأفعال الفرد إلى حد بعيد. يقول وليام جيمس (William JamesWilliam James): إن أعظم اكتشاف لجيلي، هو أن الإنسان يمكن أن يغير حياته، إذا ما استطاع أن يغير اتجاهاته العقلية. واعتبر الروائي الأمريكي هيبارد (Lafayette Ronald Hubbard ) أن صفاء الذهن خير وسيلة لبلوغ الأهداف الكبرى.
يرى (غاردنر) “أن هناك معايير محددة تشكل مهارات الذكاء وهي:
-
القدرة على ابداعِ أو انتاج مهم ومؤثر أو على ابتكار طرق ووسائل جديدة في طرح المسائل وحلها.
-
القدرة على القيام بحل المسائل ومواجهة المواقف مع الاهتمام بالكيف وليس بالكم أي بإمعان النظر وتفحص الطريقة المتبعة في حل المسائل.
-
القدرة على ابتكار مسائل ومواقف جديدة تضيف شيئًا جديدًا أو معلومات جديدة” (خليل، 2011م).
لقد وسعت نظرية غاردنر مفهوم الذكاء ويعد توسيع مفهوم الذكاء وكيفية تعلم الطلاب أحد الجوانب الثورية التي حدثت في العقدين الماضيين. وقد عرف غاردنر الذكاء باعتباره امكانات بيولوجية نفسية لمعالجة المعلومات بطرائق معينة، بحيث يصار إلى تفعيل كل نوع من أنواع الذكاء ضمن سياق ثقافي مناسب (ص 32، 66، 131).
لا يكتنف الغموض فلسفة الذكاءات المتعددة مثلما هو الحال في كثير من الفلسفات وذلك لعدة أسباب من أهمها جلاء الأفكار ووضح التعريفات وقابليتها للتنفيذ. رغم أن بعض تطبيقات النظرية لم يحالفها الحظ لسوء فهم فلسفة نظرية الذكاءات إلا أن عددا من المدارس نجحت في تطبيق معطيات النظرية. لا زال هورد يعاني من بعض الممارسات واختبارات الذكاء التي لا تتفق مع فلسفة غاردنر إلا أن البعض ينسبها إليه عمدا أو جهلا بمعنى أن فلسفة غاردنر قد تستغل بصورة خاطئة في بعض الأحيان. من المؤكد أن تبني عدد غير قليل من المدارس لنظرية الذكاءات المتعددة من البراهين الواضحة على قوة أفكار غاردنر ومرونتها بحيث يمكن توظيفها في الميدان كما هو حاصل في عدد من أقطار العالم. وعليه فإن فلسفة غاردنر تخلصت إلى حد بعيد من الجمود النظري والمثالية والغموض وعدم النضج والتفكك التي تعترض كثير من الرؤى في ميدان الفلسفة.
تلامس النظرية المذكورة احتياجات كل من المتعلم والمعلم وتربطهما بالمنهج والوسائل مما يجعل نظرية غاردنر من الشمول والواقعية والأهمية بمكان. تشكل نظرية الذكاءات اطارا فكريا يسعفنا تعريف المدرسة ورسالتها ومناشطها على نحو أوسع مما يمكن أن تقدمه الفلسفة التعليمية التقليدية التي لا تكترث إلا بالتحصيل الدراسي القائم على الحفظ وتمجيد الذكاء اللغوي والوحسابي بينما تطوح بالذكاء العاطفي والاجتماعي والطبيعي… وفي هذا السياق تفارق فلسفة غاردنر الفلسفة الدارجة حاليا والدارجة لفترات تاريخية طويلة في العالم وهكذا تقف النظرية الحالية على مكان أعلى وأرحب لمستقبل أكثر اشراقا.
ولا ريب أن المعطيات العامة لهذه الفلسفة تصلح للنظم التعليمية في العالم الثالث على وجه الخصوص حيث أنها تريد ربيعا يتحرر لا من النظم السياسية الديكتاتورية بل على نفس المنوال يريد أن يتحرر نظامه التعليمي من أغلال رهبة الاختبارات والحفظ والتلقين والحياة الروتينية المملة والجافة. لقد انغلقت النظم التعليمية القديمة في الكتاب الدراسي وحبست نفسها في الأسوار المدرسية المنيعة، واعتزلت حركة الواقع، وهجرت توظيف نهضة المنجزات التكنولوجية المبهرة في القاعات الدراسية وغيرها. لهذا باتت السياسا القديمة غير صالحة لمجريات العصر فلا تحقق طموحا ولا تكاد أن تلبي احتياجا. وعليه لا يمكن أبدا الاستمرار في الفلسفة التعليمية القديمة ولا سيما ونحن نعيش في عصر يعج بالاختراعات الجديدة يضج بالمعلومات ويشهد ابداعات سريعة ودقيقة في شتى العلوم، وكافة مناحي المعيشة.
لن تكون فلسفة غاردنر قادرة على انقاذ التعليم واصلاحه ولكنها يمكن أن تقدم خطوة أو رؤية من الرؤى التي يمكن أن تجعل الفلسفة التربوية عملية ومرنة تلائم شريحة أكبر من المتعلمين وتخدمهم على نحو أشمل. ومن شأن هذه الفلسفة الجديدة أن تعطي الأمل لكل معلم ومتعلم مما يزرع الثقة في قلوبهم والدافعية لتنمية الملكات المذخورة في الفرد ويجعل التعليم أوسع أفقا، وأكثر عمقا.
الإنسان بجهله يهمل طاقته أو يهدرها وقد يموت الفرد بعد طول عمر دون أن يكتشف الكثير من مواهبة وقدراته ومواهبه وهذه هي الخسارة الكبرى. وإذا كانت النظرة القديمة للبشر تؤكد أن البعض لديه مواهب خارقة فإن فلسفة غاردنر تقول أن الجميع يتمتع بذكاءات متنوعة عليه أن يكتشفها ويوفر البيئة لأبنائه وبناته وطلابه لتحقيق ذواتهم قبل فوات الأوان. الصغار والكبار والرجال والنساء وأهل الشرق والغرب لديهم طاقات عظيمة بيد أن التعليم لم يستطع إلا أن يستثمر بعضها. والنظر في أحوال النفس وسعة الذكاءات عملية لا تتوقف وتهتف بعظمة الخالق سبحانه الذي أودع في العباد أسرارا عجيبة ينتهي العمر ولا يمكن إدراك إلا اليسير منها.
تسير فلسفة غاردنر التعليمية جنبا إلى جنب مع كثير من أطروحات الفلسفة النقدية التي يحمل لواءها بوردو، وإيفان إليش، وباولو فريري وهنري جيرو من حيث نقد وظيفة المدرسة التقليدية. ومن جهة أخرى قدم غاردنر بديلا قابلا للإضافة والتطوير بحسب البيئات. تتفق رؤية غاردنر مع تغليب أو تقدير دور البيئة في رعاية الموهوبين وأن الجميع لديه ذكاءات متنوعة بنسب متفاوتة. ومن زاوية أخرى تتحول وظيفة المعلم من ناقل للمعلومات إلى موجه للطالب نحو مصادرها فيكون دوره استثارة المتعلم لمزيد من التعلم والتمرس في مهارات البحث والتفكير والابتكار.
إن نظرية الذكاءات في مجموعها تقدم عددا من الخطوط العامة المكونة لرؤية فلسفية إزاء النفس والمجتمع بل والحياة. وفي الأشواط الأخيرة من نمو هذه الفلسفة أضاف غاردنر على ضوء مؤشرات جديده تجلت لديه الذكاء الوجودي وقد يلحقه أيضا الذكاء الروحي والديني. هذه الإضافات تعالج مسائل إنسانية حساسة لا يستغني العقل البشري عن البحث فيها والسؤال عنها أينما كان وفي جميع الحقب التاريخية. إن السقف المعرفي المرتفع لأفكار غاردنر تتيح للفلسفة التربوية المعاصرة استلهام العديد من الرؤى الفلسفية القديمة – المتعلقة بالنفس والتعلم والعلم والحياة – وفق رؤية ولغة وتطبيقات معاصرة ناصعة.
من أهم تبعات الإيمان بفلسفة الذكاءات المتعددة ترسيخ مبدأ التعليم للجميع وأن البيئة المدرسية لا بد أن تستوعب وتستثمر جميع الطاقات والمواهب لا على سبيل قضاء الوقت بالنافع المفيد بل من باب بناء شخصية متكاملة بعيدا عن التحيز إلى ذكاء بعينه. فالقضية هنا أن الذكاء الموسيقي والطبيعي والاجتماعي … لا يقل أهمية عن سائر الذكاءات المتعلقة بالتحصيل الدراسي. وعليه فإن من تبعات ومطالب هذه الفلسفة أن جميع المواهب (الذكاءات) مهمة (اللغوية والاجتماعية والعلمية والرياضية والطبيعية…). وبهذا تصبح الحياة التعليمية والثقافية أكثر اتساعا وشمولا وتميزا بفضائها وفلسفتها ومناهجها ومفرداتها ومخرجاتها. قبل أن نظفر بالمبدعين علينا توفير أرضية صالحة للابداع وبيئة تسمح للمواهب بالظهور والنمو.
المحور الثاني: المبادئ التربوية
تشكل المبادئ التربوية ركيزة أساسية في حياة البشر عبر العصور وهي تنبع من فلسفة عامة وتتبع خطوطها العريضة ومقاصدها العامة. يقوم علماء التربية من حين لآخر بابداع أو إعادة صياغة المفاهيم الأساسية والمبادئ العامة لتكون في متناول يد المربين ليسترشدوا بها ويعيشوا على هديها.
إن هذه النظرية تزود المدرسين والآباء كذلك بإطار معرفي عملي كي يتم تفصيل التعليم وفق الفروق الفردية. فعلى المعلم أن يدرك أنه لا يوجد اثنان متشابهان أبدًا على الإطلاق. ومن هنا فإن نظرية الذكاء المتعدد تستوعب كل هذه الاختلافات والفروقات الفردية والتشعبات وتشجع المدرس على تنمية كل طريقة واستراتيجية خاصة بكل طالب على حدة. وخلاصة القول إن نظرية الذكاء المتعدد تقدم لنا إطارا عمليا وجذريا ومرنا يمكننا من خلاله تحقيق الأهداف المحددة للتعليم. فمن هنا يجب تنوع وتعدد طرق واستراتيجيات التعليم لتعكس الفروقات والاختلافات الفردية (خليل، 2011م).
جمع الباحثون العديد من المبادئ التربوية التي تنص عليها نظرية الذكاءات وهي في غاية الأهمية للمربين كما أنها متداخلة ومترابطة فيما بينها إلى حد بعيد. “المبادئ التي قامت عليها نظرية الذكاء المتعدد كما وردت في أعمال (غاردنر) هي:
• إن الذكاء ليس نوعًا واحدًا بل هو أنواع عديدة ومختلفة.
• إن كل شخص متميّز وفريد من نوعه ويتمتع بخليط من أنواع الذكاء الديناميكية.
• إن أنواع الذكاء تختلف في النمو والتطور إن كان على الصعيد الداخلي للشخص أو على الصعيد البيني فيما بين الأشخاص.
• إن أنواع الذكاء كلها حيوية وديناميكية.
• يمكن تحديد وتمييز أنواع الذكاء ووصفها وتعريفها.
• يستحق كل فرد الفرصة للتعرّف إلى ذكائه وتطويره وتنميته.
• إن استخدام ذكاء بعينه يسهم في تحسين وتطوير ذكاء آخر.
• إن مقدار الثقافة الشخصية وتعددها جوهري ومهم للمعرفة بصورة عامة ولكل أنواع الذكاء بصورة خاصة.
• إن أنواع الذكاء كلها توفر للفرد مصادر بديلة وقدرات كامنة لتجعله أكثر إنسانية بغض النظر عن العمر أو الظرف.
• لا يمكن تمييز أو ملاحظة أو تحديد ذكاء خاص بعينه.
• يمكن تطبيق النظرية التطورية النمائية على نظرية الذكاء المتعدد.
• إن أنواع الذكاء المتعدد قد تتغير بتغير المعلومات عن النظرية نفسها” (خليل، 2011م، حسين، 2005م، ب، ص 280، عفانة والخزندار، 2009م، ص 75).
- يمكن توظيف الذكاءات القوية لدى الفرد في تنمية الذكاءات الضعيفة.
- أساليب التعليم يجب أن تنسجم مع ذكاءات كل متعلم (قطامي واليوسف، 2010م، ص 57).
- هناك طرائق كثيرة لتنمية الذكاء في كل فئة (جابر، 2003م، ص 22).
- إذا فشل الشخص في مجال ما فإنه قد يتمكن من النجاح في مجال آخر (الجندي ومرسي، 2006م، ص 137).
- الدرجات والشهادات المدرسية لا تقيس عبقرية الفرد.
- وظيفة المؤسسات التربوية اكتشاف الذكاءات المتعددة لدى كل فرد وتوفير البيئة السليمة لنموها.
- الفصل الدراسي مسرح لاستعراض ومشاهدة جميع الذكاءات الإنسانية فكل طالب لديه الفرصة للتعبير عن ذكاءاته عبر الأنشطة المتنوعة .
- من المنظور الفلسفي لنظرية الذكاءات لا بد توسيع نطاق الأهداف التربوية (Detterman, 2009) في تنمية الإنسان لتلامس جوانب جديدة غفلت الأهداف التقليدية عنها.
المحور الثالث: تطبيقات نظرية الذكاءات المتعددة
من الآن فصاعدا سيكون الوقود الأهم للتقدم في الأمم ليس المواد الطبيعية وإنما المعرفة والذكاء والقيادة (بكار، 2011م، ص 34). قال فرانسيس بيكون: “المعرفة والقوة الإنسانية مترادفان” وقال “آثار الذكاء تعيش أكثر من آثار القوة”. إن القدرات العالية التي يحتاجها الإنسان في هذا العصر –عصر الإبداع- هي قدرات الذكاء العاطفي والقدرة على الصميم والتركيب ورواية القصة، والسيمفونية، والتعاطف، واللعب. يحفل العصر الجديد بالفرص ولكنه لن يرحم المتلكئين وأصحاب الفكر المتحجر (بينك، 2010م، ص 247). إن القدرة على الابتكار وحل المشكلات من أساسيات المجتمعات القوية.
ومن المنظور التربوي تعتبر نظرية الذكاءات نموذجا معرفيا عالميا يصف كيف يستخدم الناس ذكاءهم، وتقدم للمعلم استراتيجيات لتوسيع دائرته في التدريس، وفي تصميم مناهج دراسية غير تقليدية، وتكشف طرق تعلم الأطفال في ضوء الفروق الفردية (حسين، 2005م، ت، ص 278) وفي ضوء ضرورة ايجاد بيئة سليمة لتنمية الذكاء (مصطفى، 2012م، ص 17). علاوة على ذلك فإن هذه النظرية تشجع استخدام التكنولوجيا الحديثة وتتفق مع توجهات المدارس الذكية (حسين، 2005م، ت، ص 27). ولأن للنظرية جوانبها الاجتماعية فإنها نالت اهتمام علماء الاجتماع أيضا (p.72, 139 Darity,). لهذا كله فإن هذه النظرية عظيمة النفع في التدريب والتربية العملية في كليات التربية ومعاهد إعداد المعلمين وسائر المعلمين بغية تطوير التعليم لأنها تضيف رصيدا قويا للتنظير والتطبيق في مجالات التعليم المختلفة (جابر، 2003م، ص 5).
ومن المواضيع المهمة للمربين كيف يفكر الشباب (دوبز– كهانا، 2011م، ص 34) ومضاعفة قوة الدماغ (صواف، 2010م، ص 150)، بل أبعد من ذلك لقد ظهر مصطلح المدن الذكية ومدينة الذكاء (كاريللو، 2011م، ص 108، 110). تقدم نظرية الذكاءات العديد من الطرق والاستراتيجيات التعليمية في التعليم ما قبل الجامعي والتعليم الجامعي (الشربيني، 2010م، علاونة وآخرون، 2010م، ص 68).
أصبحت نظرية الذكاءات تستخدم في ميادين متنوعة ومهمة مثل تشجيع الطفل على القراءة (كرم الدين، 2008م، ص 5)، وعلاج الدسلكسيا إذ يمكن استثمار تلك النظرية معالجة مشكلاتها (البحيري، 2006م، ص 125، 138، البحيري، 2010م، ص 105) إذ تؤكد الدراسات الحديثة على أهمية دور الذكاءات المتعددة وتطبيقاتها في مجال صعوبات التعلم (عامر، ومحمد، 2008م، 181، مركز تقويم وتعليم الطفل، ص 28). ويمكن استخدام النظرية في تنمية مهارات المذاكرة وفن التلخيص (ريك، 2008م، ص 201م)، وفي تشجيع التفوق الدراسي (الحسن، 2012م، 48)، وفي اعداد البروفيل وهو ملف يصممه الطفل ويمكن أن يساهم في تنمية القراءة لديه (البحيري وآخرون ، 2009م، ص 176). إن هذه النظرية تصلح للمربين عموما لفهم نمو الطفل (p. 217 Webber,).
وفي هذا السياق قدمت نظرية الذكاءات فكرا تربويا جديدا (سليم، 2006م، ص 98) يمكن توظيفه في فهم أصول التربية وفلسفتها (Noblet, 2011, p. 624) وتطبيقاتها (الرشيدي، 2011م، ص 163) وفي تربية الأطفال الأذكياء (بوزان، 2009م، 45، 60، 95) وفي تنمية الأسرة (موسوعة الأسرة، 2009، ج6، ص 649) وفي اصلاح المدارس ومناهجها الدراسية (Putin, 2005, p. 42). وتقدم المؤسسات التعليمية دورات خاصة للمعلم عن الذكاءات المتعددة (مجلة المعلم الكويتية، العدد 1592، 2010م، ص 11).
عندما نستطلع عدد من القواميس المعاصرة للتربية ونتفحصها نجد أن غاردنر ترك بصمة واضحة على الفكر التربوي فثمة ما لا يقل عن عشرين إحالة ومصطلح تربوي مرتبط بالذكاءات المتعددة (كولينز وأبراين، 2008م). معرفة الذكاءات المتعددة واستثمارها ضرورة لأن هذه النظرية تقدم للمعلمين الكثير من التوجيهات السديدة (Guttridge, 2007, p. 30) حيث تقدم لهم رؤية للممارسات اليومية وقدرة على فحص المنهج التعليمي وتحسين وسائل التربية والتفكير والتعلم بطرائق جديدة من شأنها تحسن البيئة المدرسية والتعليمية عموما. تحاول النظرية ربط الذكاء بالأخلاق لتحقيق قدر أكبر من المكاسب المعيشية (Smith, 2008).
As a result, they become dangerous and then regressive treatments are cheap levitra look these up required.
وعلى مستوى العالم العربي يوصي الباحثون بإعادة النظر في الأساليب المتبعة في الكشف على الموهوبين واستخدام نظرية الذكاءات المتعددة كأحد المحكات ضمن نظام متكامل ومتعدد المحكات. علاوة على ذلك يمكن استخدام نتائج الأداء على مقاييس الذكاءات المتعددة في تصميم المناهج والمواد الإثرائية للطلبة الموهوبين لضمان ملاءمتها للذكاءات النشطة لديهم (جروان، 2011م، ص 23).
ومن جهة أخرى فإن إعداد المعلم قبل الخدمة Pre- service preparation عبر التعريف بنظرية الذكاءات المتعددة من الضرورة بمكان كما أن الأمر لا يقل أهمية لتدريب المعلم أثناء الخدمة In- service training وهذا يتطلب تنمية الوعي بالنظريات التعليمية الحديثة وتسخيرها –دون مبالغة- في الميدان التربوي.
تدريب المعلم أثناء الخدمة In- service training
ينادي المربون اليوم بضرورة تدريب جمهور المعلمين نظرية غاردنر لما لها من آثار إيجابية في صياغة شخصية المتعلم (نوفل، 2010م، ص 189)، وفي بناء المناهج الدراسية (حسين، 2007م، أ، ص 24، حسين، 2005م، ب، ص 66-67). ويعتقد بعض التربويين أن هذه النظرية تعطي كافة الطلبة الفرصة للتعبير عن ذواتهم (ماسون، 2006م، ص 208) كما تمكن المربين من ملاحظة جوانب القوة لدى جميع الطلبة (عفانة والخزندار، 2009م، ص 248 ). ويشير أحد الباحثين إلى امكانية توظيف نظرية الذكاءات في توجيه الحس القيادي لدى الأطفال فهذه النظرية ذات فلسفة عملية تقدم اطارا نافعا لبناء الألعاب وتنظيم المشاريع التعليمية التي تتفق مع المواهب الفكرية والحركية لأكبر شريحة من الناشئة (Malek, 2005).
لقد تم تطوير مقاييس أساليب التعلم بناء على نظرية الذكاءات المتعددة لتتناسب مع البيئات على مستوى العالم مثل البيئة الأردنية (السلطي، 2004م، 174). وتشهد الدراسات الميدانية في عالمنا العربي بفاعلية التدريس في قاعة الفصل وفق نظرية الذكاءات المتعددة (صبري، 2007م، ص 311).
تبنت الكثير من المدارس نظرية الذكاءات المتعددة وحققت نجاحات متنوعة لأن كل طالب في ضوء هذه النظرية يستطيع أن ينمي نفسه في جوانب متعددة (Campbell. B & Campbell, 1999, p. 11). ومن المحاولات اللافتة للنظر في عملية تسخير المتحف لتثقيف الطفل متحف يوني باكن Junibacken في استوكهولم عاصمة السويد وهذا المتحف يركز على عالم القصص ودنيا الطفولة والشخصيات المشهورة في كتب الأطفال. وعن الفلسفة التربوية لذلك المتحف يحدثنا عبدالحكم أحمد الخزامي (2007م) في كتابه الأطفال وحقهم في التربية والتعليم فيقول أن متحف يوني باكن يقوم تنظيمها الفعلي على أساس نظرية الذكاء المتعدد لهورد غاردنر وذلك لتنشيط الذكاء المتعدد للصبية الصغار (ص 152).
العديد من الممارسات للنظرية ميدانيا صاحبها سوء فهم أصل النظرية (Gardner, 2009, p. 7) وهذا أمر متوقع نظرا لازدهار وانتشار هذه النظرية في العديد من المؤسسات التعليمية في ثقافات العالم (Armstrong, 2009, p. 24) مثل الثقافة الصينية (Jie-Qi Chen, 2009, p. 40, Cheung, 2009, p. 43) والتركية (Kaya & Selcuk, p. 245).
“إن هذه النظرية الحديثة للذكاء البشري توضح لنا أنه من الخطأ علميا أن تقيم القدرات العقلية للمتعلم/ المتعلمة فقط من حيث المهارات اللغوية أو الرياضية؛ كما إنه من الخطأ ومن غير المنطقي أن تركز المناهج والمواد التربوية على هذه المجالات التدريسية وأن تقصي أو نقلل من أهمية المجالات المعرفية أو المهاراتية الأخرى. انطلاقا من تعدد الذكاءات ومن الاختلافات المحتمل وجودها داخل الفصل الدراسي من حيث هذه الذكاءات، فإنه من باب الإنصاف، أن يلقى كل المتعلمين والمتعلمات الفرصة المتاحة للتعلم والنمو وتحقيق الذات داخل الفضاء المدرسي. إن المناهج والمواد المدرسية مطالبة بتنويع المحتويات المدرسية وتنويع المداخل لنفس الهدف التربوي، وتكييف المادة التدريسية حسب الذكاءات والمهارات المتوفرة لدى المتعلمين/المتعلمات، مما يحقق مجموعة من النتائج التربوية الإيجابية” (الزاكي، 2000، ص 14، باختصار).
هناك جملة من المحاور الرئيسة التي ينبغي أن تكون أساس بناء البرامج والأنشطة وعماد اختيار المواهب في أسرنا ومدارسنا من أجل بناء شخصية متكاملة متزنة متفتحة طموحة في غاياتها ووسائلها.
يمتلك الإنسان ذكاءات متعددة (Hunt, 2005, p. 414) فكلما ناسبت الهوايات والنشاطات تلك الذكاءات كان الخير أعظم والنفع أكبر في تنمية الشخصيه وصقل المواهب. يراد بالذكاء المتعدد أن الإنسان يتمتع ببضعة جوانب -على الأقل- ينبغي أن يراعيها وينميها. يخالف هورد غاردنر النظرية التقليدية التي تؤمن بأن الذكاء العقلي هو الأساس الوحيد للنجاح ويعتقد أن هناك بضعة جوانب هامة تساعد الإنسان على حل المشاكل والتكيف مع البيئة (Parkay & Stanford, 2001, p. 302, Gardner, 2000, p. 72, & Berube, 2000, p. 76). تسمى نظرية هورد بنظرية أم آي (MI) أي الذكاءات المتعددة مثل الذكاء اللغوي، والمنطقي والحسابي، والحركي والموسيقي… إن الأب والأم والمعلم والسياسي والبائع عادة يستخدمون مشاعرهم الداخلية لمعرفة حاجة من يتعاملون معهم ويرسمون طريقهم في كيفية إشباع الحاجات. من المعلوم حتماً أن الناس يتفاوتون في مستويات الذكاء فكل فرد له تفوق في ميدان من الميادين ولكن لا يمكنه أبداً التفوق في جميع الميادين ودور المربي هو اكتشاف جوانب التفوق في طلابه كي ينمونها.
وعلى الصعيد الاعلامي التنموي أحسنت مجلة الموهبة -السعودية- صنعا عندما نشرت على موقعا لقاء مترجما إلى العربية يتحدث فيها الدكتور (هوارد جاردنر) الأستاذ في جامعة هارفارد الأمريكية عن الذكاءات المتعددة وأساليب التعليم الحديثة. هذه المواد الاعلامية المرئية الاثرائية هي في حقيقتها اضافة جيدة لثقافة المعلمين في عالمنا العربي لتنمية ذواتهم مهنيا عبر الاطلاع على رأي كبار علماء التربية اليوم. لمشاهدة الفيديو المذكور أعلاه يمكنك الاطلاع على الرابط التالي:
http://www.mawhiba.org/video/pages/Details.aspx?str=393,9e35c033-0a3c-4c6e-b4f2-399484a75965
ولقد علق أحد المشاهدين على الفيديو تعليقا موفقا بقوله ” هذه النظرية أعتقد انها جزء من الحلول التي ستطور تعليمنا كأشخاص ومجتمع “.
وفيما يلي طائفة من أبرز أفكار غاردنر (الكندري، ملك، 2008م) التطبيقية التأصيلية التجديدية:
- دور التربية هو توجيه الطفل إلى مجال يناسب ميوله ومواهبه ولكل طفل طرائق في التعلم يستجيب لها.
- قياس الذكاء العقلي التقليدي قياس لغوي ورياضي ضيق ومحدود يصلح كمؤشر لمعرفة مستوى الطالب في التحصيل الدراسي فقط ولا يقيس مهارات الحياة الأساسية المتنوعة.
- الذكاء في العلاقات المتبادلة بين الناس هو قدرة الذات على فهم الآخرين وحسن التعامل معهم.
- الوعي بالذات أمر جوهري للبصيرة النفسية. الخوف والتوتر من أهم أسباب همود الفكر الإنساني.
- التدفق العاطفي والحالة الايجابية يمثلان جانبا هاما في تعليم الطفل وهما أفضل من الثواب والعقاب. حالة الانهماك والتدفق هي حالة نفسية نراها عندما ينشغل الطفل في أمر سليم يحبه ويتمتع به (انظر جولمان، 2000 م، ص 60، 63، 67، 84، 159) (Gardner, 2000, 79).
- الملف التربوي (Portfolio) والمشاريع الجماعية ينبغي أن تكون من معايير دخول الطالب إلى الجامعات لأنها تقيس عدة مهارات (Gardner, 1993,P. 184). تتنوع المضامين التربوية للبورتفوليو حيث يتأمل المتعلم ذاته ويستخدم كجزء من التقويم المدرسي، ومادة خصبة للحوار مع أولياء الأمور واجتماعات تفريد التعلم، وتخطيط المنهج التعليمي، وتقدير انجازات التلاميذ، وايجاد التعاون بينهم (حسين، 2005م، ص 100، حسين، 2006م، ص 598).
- أنواع كثيرة للذكاء مثل الذكاء العلمي واللغوي والموسيقي والاجتماعي … هذه الأنواع متعادلة في أهميتها ولكن تعظيم الذكاء (الأكاديمي) فقط ظل سائداً في تاريخ المدارس لعدة قرون وهذه نظرة ضيقة في حين أن نظرية الذكاءات المتعددة أرحب وأعمق ولهذا فإن الصراع بين أنصار المدرستين سيظل قائماً.
- وسائل التربية المؤثرة تمر من عدة بوابات أهمها: (الخبرة – العاطفة – الأرقام –القصة – الإقناع) التعليم الفعال لا يغفل عن الاستعانة بهذه الطرائق الهامة للصغار والكبار (Gardner, 1993,P. 203 ).
- يؤكد غاردنر في دراساته عن العقل على قدرة الطفل الرضيع على التعلم ويطالب بوضع المزيد من البرامج والعناية التربوية لهذه الفئة فالخبرات الأولى للطفل في غاية الأهمية في المستقبل إذا استمر في استعمال وتطبيق ما تعلمه. عليه أن يمارس ما تعلمه قبل أن ينساه (Gardner, 2000, p. 81) .
- لا بد لفلسفة التربية أن تؤكد على مفاهيم: الخير، والعدل، والجمال.
- تعلم العزف على الأجهزة الموسيقية قد ينمي ذكاء الطفل في أكثر من ميدان وله الكثير من الآثار الإيجابية (Gardner, 2000, p. 82, Gorman, 2012, p. 78).
- يجب أن يعلم المعلم التغيرات التكنولوجية والعلمية والسياسية والثقافية والسياسية ويجب أن يتفاعل معها. أساسيات التربية على مفترق الطرق وسوف تتعرض لتغيرات أكيدة في المستقبل القريب (Gardner, 2000, P. 59).
- يرى بِل غيتس إنَّ نظرية هورد غاردنر أهم نظرية تربوية معاصرة ستفتح المزيد من الآفاق لانطلاقة الحاسب الآلي. لقد أخذت نظرية غاردنر طريقها في التَّأثير على عدد كبير من مؤسسات التَّعْلِيْم. بدأت نظرية غاردنر تكتسح الميدان كنظرية وتطبيق في ميدان تربية الطِّفل وبدأ المربون يؤكِّدون على أهمية العناية بالذَّكاء العاطفي في مرحلة ما قبل المرحلة الابتدائية على وجه الخصوص. يرى عالم النفس دانييل غولمان صاحب كتاب الذكاء العاطفي أن كتابات غاردنر يجب الإطلاع عليها A must-read من قِبَل المربين والآباء وكل من يهتم بمستقبل الطفل.
وإذا كانت الأفكار التربوية الغربية لغاردنر قد شقت طريقها نحو الميدان فهل قامت الدراسات التحليلية بسبر غورها وفحص مرتكزاتها؟ لقد أبرز هورد غاردنر في نظريته (الذكاء المتعدد) الهولوكوست وآراء فرويد ودارون والتربية في إسرائيل بصورة لم تمسها النقد. إن الحديث عن الهولو كوست يُستغل عن قصد لصرف الأنظار عن فظائع ترتكبها الحكومة الإسرائيلية في حق الفلسطينيين وغيرهم وتستخدم لتقوي المصالح الاسرائيلية الخاصة (تشومسكي، 2010م، ص 138). ويطرح العلماء المعارضون لنظرية الذكاءات أن الفكرة برمتها تصف مواهب أكثر منها ذكاءات ومهما يكن الأمر فإن هذه النظرية تستحق الدراسة وأخذ الجوانب النافعة منها وتطويرها حسب تنوع البيئات واختلاف الثقافات.
خلاصة الدراسة
إن نظرية الذكاء المتعدد تختلف تماما عن نظرية الذكاء العقلي التقليدي فالأولى واسعة المدى تنفع أكبر شريحة من المتعلمين وتعلي من شأن التعليم وتحث على البذل والمثابرة والابداع بينما النظرية الثانية ضيقة المدى. النظرية الثانية للأسف هي المسيطرة على الساحة التعليمية لا سيما في العالم الثالث فما زالت الاختبارات والكتب المدرسية تدور حول قياس الذكاء العقلي وخاصة مهارة الحفظ والامتحان هو المحك في حين أن أسلوب حل المشكلات والمهارات الحياتية والذكاء العاطفي يكتسبها الفرد بالمصادفة ولا تحرص المناهج الحالية على غرسها في نفوس المتعلمين. التلقين العقيم يحطم التعليم ويكبل الفكر ويمنعه من الابتكار ويحرمه من الحركة الصحيحة.
لقد زحزحت نظرية الذكاءات المتعددة فكرة الذكاء الموروث لفئة قليلة من الناس فهي لا تؤمن بالحتمية البيولوجية بل توسع من شأن التربية في عملية بناء العقل. وهكذا أعلت من شأن البيئة وهو ما يذهب إليه جمع من المربين اليوم. إن من الأهمية الإيمان بالاستعدادات العقلية للإنسان وفتح المسارات نحو تعليميه ولا يتحقق ذلك إلا بنبذ فكرة الحتمية البيولوجية القائمة على فلسفة تصنيف الناس على ضوء المعطيات الوراثية وكأنها مسلمات استاتيكية مطلقة. إن الغاء دور الوسط الاجتماعي في تنمية الفرد خلل رهيب يعطل الحركة التعليمية، ويهدد النهضة العربية، ويناقض نظرية غاردنر في الذكاءات المتعددة. هناك الكثير من الأهداف والوسائل التعليمية وطرق التقويم والتقييم يمكن استلهامها من نظرية الذكاءات المتعددة لتصبح أسس فلسفية للتربية من دون التخلي عن الخصوصيات المجتمعية.
ترسم فلسفة الذكاءات المتعددة لهورد غارنر الاطار العام لفلسفة التربية وسبل التعليم فتعطي نظرة واقعية عملية شاملة للمتعلم ودور المعلم ووسائل التعلم. رسم غاردنر الوظائف العامة للمدرسة وأعطاها دورا أكبر وأعمق من عملية نقل المعلومات. اعتنت فلسفة غاردنر بالمسرح والمتحف والانترنت والقصص كوسائل تعليمية فذة يجب الإفادة إلى أقصى الدرجات. لقد تناولت نظرية الذكاءات العديد من القضايا التي يمكن الافادة منها لنقد واقعنا والارتقاء بمدارسنا ونبذ سياسة التلقي السلبي. تلتقي فلسفة غارنر مع معطيات نظرية ديوي في التركيز على الخبرة الحية والتمارين والمزاولات التي من شأنها اكتشاف الملكات وتنميتها إلى أبعد الحدود ولأكبر شريحة من المتعلمين كل في المجال الذي يحسنه ويتقنه ويتدفق فيه.
يمكن استخدام نظرية الذكاءات في ميادين متنوعة ومهمة منها رسم فلسفة التربية ووظيفة المدرسة وتشجيع الطفل على القراءة، وعلاج الدسلكسيا إذ يمكن استثمار تلك النظرية معالجة مشكلاتها إذ تؤكد الدراسات الحديثة على أهمية دور الذكاءات المتعددة وتطبيقاتها في مجال صعوبات التعلم. ويمكن استخدام النظرية في تنمية مهارات المذاكرة وفن التلخيص وعمل الخرائط الذهنية، وفي تشجيع التفوق الدراسي، وفي اعداد البروفيل وهو ملف يصممه الطفل ويمكن أن يساهم في تنمية القراءة لديه فيكون الطفل باحثا ومفكرا. إن هذه النظرية تصلح للمربين عموما لفهم نمو الطفل وجوانب القوة لديه.
لقد قدمت نظرية الذكاءات فكرا تربويا جديدا يمكن توظيفه في فهم أصول التربية وفلسفتها وتطبيقاتها في تنمية الأسرة وفي تربية الأطفال في المدارس ليصبحوا من الأذكياء في جانب أو أكثر استنادا لنظرية الذكاءات المتعددة.
أهم المراجع العربية
ابن عاشور، محمد الطاهر (1428هـ-2007م). أليس الصبح بقريب. ط2، تونس: دار سحنون.
إدوارز، كارولين وآخرون (2010م). الأطفال ولغاتهم المئة. ترجمة أ.د. ليلى كرم الدين. مراجعة علي عاشور الجعفر. الكويت: الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية.
آرمسترونغ، توماس (1426هـ-2006م). الذكاءات المتعددة في غرفة الصف. ط1، الدمام: دار الكتاب التربوي.
ألبريخت، كارل (2008م). الذكاء الاجتماعي : علم النجاح الجديد. التمهيد بقلم وارين بينيس. ط1، الرياض: مكتبة جرير.
أيوب، فوزي (1434هـ-2013م). المعلم في الكويت: واقعه.. إعداده.. دوره. جريدة القبس: الجمعة: 19-1-2013م.
البحيري ، جاد – وآخرون (2009م). الدسلكسيا: دليل الباحث العربي. الكويت: مركز تعليم تقويم الطفل.
البحيري ، جاد – وآخرون (2010م). تدريس الأطفال المعسرين قرائيا: دليل المعلم. الكويت: مركز تعليم تقويم الطفل.
البحيري ، جاد – وريد، جافين (2006م). الدسلكسيا: دليل المدرس وولي الأمر. ط1، الكويت: دار العلم.
بدوي، عبدالرحمن (1946م). التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية: دراسات لكبار المستشرقين. ط2، القاهرة: مكتبة النهضة المصرية.
بكار، عبدالكريم (1432هـ-2011م). طفل يقرأ: أفكار عملية لتشجيع الأطفال على القراءة. ط2، الرياض: دار وجوه.
بوزان، توني (2009م). الطفل الذكي: دليل الآباء الأذكياء لتنشئة أبناء أذكياء. ط2، مكتبة جرير: الرياض.
بينك، دانيال إتش (2010م). عقل جديد كامل: لماذا سيحكم المبدعون المستقبل. ط1، مكتبة جرير: الرياض.
تركي، عبدالفتاح (1431ه-2010م). النظرية التربوية وجدلية الأفكار والتحديات. تقديم حامد عمار. ط1، القاهرة: الدار المصرية اللبنانية.
تريفيل, جيمس (1431هـ – 2010م). لماذا العلم. ترجمة: شوقي جلال. الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
تشومسكي، نعوم (1430هـ-2010). أشياء لن تسمع بها أبدا… لقاءات ومقالات. ترجمة أسعد الحسين، دمشق : دار نينوى.
جابر، عبدالحميد جابر (2003م). الذكاءات المتعددة والفهم: تنمية وتعميق. ط1، القاهرة: دار الفكر العربي.
جروان، فتحي عبدالرحمن (2011م). الفروق في الذكاءات المتعددة بين الطلبة الموهوبين والعاديين وعلاقتها بمتغيري الجنس والعمر لدى عينة من الطلبة الأردنيين. مجلة الطفولة. القاهرة: العدد 9، سبتمبر. جامعة القاهرة: كلية رياض الأطفال.
جسور تربوية (1432هـ-2011م). ترجمات. مكتب التربية العربي لدول الخليج – العدد الثاني والعشرون. http://www.abegs.org
الجعفر، علي عاشور (2012م). ريجيو إيميليا: مدينة تعيش في مدرسة. مؤتمر جودة المناهج: وزارة التربية : الكويت.
الجندي، أمسية السيد- ومرسي، جليلة عبدالمنعم (2006م). الإسهام النسبي للذكاءات المتعددة في التحصيل الدراسي لطلاب كلية التربية. مجلة البحث في التربية وعلم النفس. كلية التربية جامعة المنيا، المجلد 19، العدد 4، إبريل 2006م.
حبش، زينب (2005م). التفكير الابداعي. موقع زينب حبش: http://www.zeinab-habash.ws/education/books/Creative_thinking.htm
الحسن، أحمد (1433هــ-2012م). التفوق الدراسي: خطوة في صناعة الحضارة. الكويت: مكتبة آفاق.
حسين، محمد عبدالهادي (2005م، أ) الاكتشاف المبكر لقدرات الذكاءات المتعددة بمرحلة الطفولة المبكرة. ط1، الأردن: دار الفكر.
حسين، محمد عبدالهادي (2005م، ب). مدخل إلى الذكاءات المتعددة. الإمارات: دار الكتاب الجامعي.
حسين، محمد عبدالهادي (2005م، ت). مدرسة الذكاءات المتعددة. الإمارات: دار الكتاب الجامعي.
حسين، محمد عبدالهادي (2006م). الذكاءات المتعددة وتنمية الموهبة. القاهرة: دار الأفق.
حسين، محمد عبدالهادي (2007م). المناهج المتعددة والطريق إلى الفهم والاستيعاب. الإمارات: دار الكتاب الجامعي. ط1، الإمارات: دار الكتاب الجامعي.
الخزامى، عبدالكريم أحمد (2007م). الأطفال وحقوقهم في التربية والتعليم. القاهرة: مكتبة ابن سينا.
خليل ، سعادة (1432هـ-2011م). الذكاء المتعدد: بين النظرية والتطبيق. مجلة جسور تربوية – مكتب التربية العربي لدول الخليج – العدد العشرون. الرياض.
خوالدة، محمود (2004م). الذكاء العاطفي: الذكاء الانفعالي. ط1، القاهرة: دار الشروق.
دسوقي، شيرين محمد – عبدالمطلب، السيد فضالي (2009م). فعالية برنامج تعليمي في ضوء نظرية الذكاءات المتعددة على التحصيل الدراسي وفعالية الذات في الرياضيات لدى تلاميذ الصف السادس الابتدائي ذوي صعوبات تعلم الرياضيات. مجلة كلية التربية، جامعة بنها، المجلد 19، العدد 80، أكتوبر. مصر.
دوبز، ديفيد – كهانا، كيترا (2011م). عقول مراهقة..وجميلة. مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية. أكتوبر.
ديورانت، ول (1424هـ-2004م). قصة الفلسفة من أفلاطون إلى جون ديوي. ط1، ترجمة د. فتح الله محمد المشعشع. بيروت: دار المعارف.
ديورانت، ول ، ديورانت ، إيريل (بدون تاريخ). قصة الحضارة. تونس: جامعة الدول العربية.
الرشيد، خالد عبدالقادر عبدالعزيز (2010م). موسوعة اللهجة الكويتية. ط2. الكويت.
الرشيدي، حسين الهدبة (1432هـ-2011م). مدخل إلى أصول التربية. ط1، الكويت: مكتبة الفلاح.
ريك، ورملي (1429هـ-2008م). فن التلخيص. ترجمة محمد بلال الجيوسي. الرياض: مكتب التربية العربي لدول الخليج.
ساكس، أوليفر (1431هـ-2010م). نزعة إلى الموسيقى: حكايات الموسيقى والدماغ. ط1، بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون.
السفاريني، محمد بن أحمد بن سالم بن سليمان (2002م). غذاء الألباب شرح منظومة الآداب. بيروت: دار الكتب العلمية.
السلطي، ناديا سميح (1425هـ-2004م). التعلم المستند إلى الدماغ. ط1، عمان الأردن: دار المسيرة.
سليم، محمد صابر (1426هـ-2006م). بناء المناهج وتخطيطها. ط1، الأردن: دار الفكر.
سمارة, نواف أحمد- والعديلي, عبدالسلام موسى (1428هـ – 2008م). مفاهيم ومصطلحات في العلوم التربوية. الأردن: دار المسيرة للتوزيع والنشر.
الشربيني، فوزي عبدالسلام (2010م). طرق واستراتيجيات التعليم والتعلم لتنمية الذكاءات المتعددة بالتعليم ما قبل الجامعي والتعليم الجامعي. ط1، القاهرة: مركز الكتاب.
الشلفي، عبدالعليم – آل رشي، علاء الدين (2011م). لا تتفلسف: روائع أفكار د. علي الوردي. دمشق: مركز الناقد الثقافي.
الصاوي، محمد (2009م). المقاصد العليا للتربية: وتربويات الإمام الشاطبي. مجلة المعرفة السعودية: العدد 167: http://www.almarefh.org/news.php?action=show&id=38
صبري، عبدالحميد (2007م). مدخل مقترح لتدريس الجغرافيا في ضوء نظرية الذكاءات المتعددة. القاهرة ، عالم التربية، العدد 22، السنة 8، مايو.
الصواف، مازن (2010م). الحيوية والجمال: دليلك المبسط لحياة أفضل. الإمارات.
طه, محمد (1427هـ – 2006 م). الذكاء الإنساني: اتجاهات معاصرة وقضايا نقدية. الكويت: عالم المعرفة (330).
عاقل، فاخر (2004م). الابداع. في: الموسوعة العربية. دمشق: سوريا.
عامر, طارق عبدالرؤوف ومحمد, ربيع (2008م). الذكاءات المتعددة. الأردن: اليازوري.
عامود، بدر الدين (2001م). علم النفس في القرن العشرين. موقع اتحاد الكتّاب العرب على شبكة الإنترنت (awu-dam.net). دمشق.
عبد القادر الزاكي (2000م). التدريس المتمركز حول المتعلم والمتعلمة مبادئ وتطبيقات. مشروع تربية الفتيات بالمغـرب (MEG).
عبده، أيمن أسعد (1431ه-2010). التغيير من الداخل. تأملات في عادات النجاح السبع. ط4، الرياض: وهج الحياة للإعلام.
عفانة، عزو إسماعيل –الخزندار، نائلة نجيب(1429ه-2009م). التدريس الصفي بالذكاءات المتعددة. ط2، عمان الأردن: دار المسيرة.
علاونة، شفيق فلاج –وبلعاوي، منذر يوسف (2010م). أساليب التعلم المفضلة والذكاءات المتعددة السائدة لدى طلبة جامعة اليرموك. مجلة العلوم التربوية والنفسية، العدد 2، المجلد 11، جامعة البحرين كلية التربية.
علي، سعيد إسماعيل (1423هـ-2011م). أصول الفقه التربوي الإسلامي: أعلام الفكر التربوي الإسلامي. ط1، القاهرة: شركة سفير الدولية للنشر.
علي، سعيد إسماعيل (1426هـ – 2005م). أصول التربية الإسلامية. ط1، القاهرة: دار السلام.
علي، سعيد إسماعيل (1430هـ-2009م). مستقبل تعليم الأمة العربية. ط1، القاهرة: دار الفكر العربي.
علي، سعيد إسماعيل (بدون تاريخ). الخطاب التربوي الإسلامي. سلسلة كتب الأمة (عدد رقم 100). قطر. موقع إسلام وب: http://www.islamweb.net
علي، سعيد اسماعيل ، وفرح، هاني عبدالستار (1429هـ-2009م). فلسفة التربية: رؤية تحليلية ومنظور اسلامي. ط1، القاهرة: دار الفكر العربي.
العياصرة، وليد رفيق (1431هـ-2010م). التربية الإسلامية واستراتيجياتها العملية. ط1، الأردن: عبدالله، محمد حمدان (1428هـ-2008م). الفلسفة التربوية ودورها في التنمية. ط1، الأردن: دار كنوز المعرفة العلمية.
غاردنر, هوارد (1422هـ -2001م). العقل غير المدرسي. ترجمة: محمد بلال الجيوسي. الرياض: مكتب التربية العربي لدول الخليج.
غاردنر, هورد (1425هـ – 2004 م). أطر العقل: نظرية الذكاءات المتعددة. ترجمة: محمد بلال الجيوسي. الرياض. مكتب التربية العربي لدول الخليج.
غاردنر, هورد (1429هـ – 2008 م). خمسة عقول من أجل المستقبل. نقلته إلى العربية: هلا الخطيب. ط1، الرياض: مكتبة العبيكان.
قاموس المعاني (2011م). موقع المعاني: http://www.almaany.com
قطامي، يوسف –اليوسف، رامي (1431هـ-2010م). الذكاء الاجتماعي للأطفال. ط1، الأردن: دار المسيرة.
كارول، جيل (1432هـــ-2011م). محاورات حضارية: حوارات نصية ذبين فتح الله كولن وفلاسفة الفكر الإنساني. تقديم أحمد أكبر. ترجمة إلهام فتحي ، أحمد سعيد . دار النيل: القاهرة.
كرم الدين، ليلى (2008م). طفل ما قبل المدرسة والكتاب. القاهرة (بحث غير منشور).
الكندري، لطيفة حسين وملك، بدر محمد ( 1429هـ = 2008م). تعليقة أصول التربية. ط3، الكويت: مكتبة الفلاح.
الكندي (2009م). الفلسفة الأولى. موقع الوراق (أبوظبي): http://www.alwaraq.net
كولانجيلو, نيكولاس- ديفر, غاري (1432هـ-2011م). المرجع في تربية الموهوبين. ترجمة صالح أبو جادو ومحمود أبو جادو. ط2، الرياض: مكتبة العبيكان.
كولينز، جون ، و أبراين، نانسي باتريسيا (2008م). قاموس دار العلم-غرينوود للمصطلحات التربوية. ترجمة حنان كسروان. مراجعة الترجمة هالة سنو. ط1، بيروت: دار العلم للملايين.
الكيلاني، ماجد عرسان (1418هـ، 1997م). التربية والتجديد وتنمية الفاعلية عند المسلم المعاصر. ط1، المملكة العربية السعودية: دار الاستقامة.
اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية التابع للديوان الأميري (1419هـ-1999م). النظام التربوي. الكويت: اللجنة التربوية.
ماسون (2006م). تكامل الذكاءات المتعددة وأساليب التعلم. ترجمة مراد علي- وليد السيد. الإسكندرية: دار الوفا.
ماكجينيس، آلان (2007م). عنصر الصداقة الأساسي: كيف تزداد قربا ممن تهتم بأمرهم؟ ط1، الرياض: مكتبة جرير.
مبارك، منصور (1432هـ-2011م). الفيلم بوصفة نصا فلسفيا. العدد 335، سبتمبر، مجلة الكويت. الكويت: وزارة الإعلام.
مدكور, علي أحمد (1426هـ – 2005م). معلم المستقبل نحو اداء أفضل. ط1، القاهرة دار الفكر العربي.
مردان، نجم الدين علي ، وآخرون (2004 م). المرجع التربوي العربي لبرامج رياض الأطفال. تونس: المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم .
مركز تقويم الطفل (2009م). ركن الباحث: الذكاءات المتعددة. مجلة مركز تقويم وتعليم الطفل. العدد 2 المجلد 3 ، أكتوبر. الكويت: مركز تقويم وتعليم الطفل.
المشرفي، انشراح إبراهيم (2010م). برنامج نشاطات تربوية لدى أطفال الألفية الثالثة “3-6” لتطوير البرنامج التلفزيوني “افتح يا سمسم” وتنمية إبداعهم في ضوء نظرية الذكاءات المتعددة. مجلة الطفولة العربية: العدد 45 ديسمبر. الكويت.
مصطفى، نهى (2012م). من دون استثناء: العباقرة يصنعون ولا يولدون. ملحق مجلة العربي: البيت العربي. الكويت.
المهدي، محمد (1432هـ-2011م). التنشئة الأسرية الموجهة نحو الصلاح الإنساني. موقع الجمعية العالمية الإسلامية للصحة النفسية (.elazayem.com/new(67).htm).
موسوعة الأسرة (1430ه-2009م). ط1، الكويت: اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية.
النحلاوي، خليل بن عبد القادر الشيباني (1423 هـ – 2002 م). الدرر المباحة في الحظر والإباحة. برنامج المحدث: http://www.muhaddith.org
نوفل، محمد بكر (1430هـ-2010م). الذكاء المتعدد في غرفة الصف: النظرية والتطبيق. ط2، الأردن: دار المسيرة.
وستبروك، روبيرت ب. (1993م). جون ديوي. في: مفكرون من أعلام التربية، مجلة مستقبليات، مج 1، ع 23، مطبوعات اليونسكو.
وطفة، علي (2012م). المعلمون إزاء التحديات التربوية المعاصرة، موقع شبكة النبأ المعلوماتية: http://annabaa.org/nbanews/2012/05/275.htm
وطفة، علي أسعد (2011م). أصول التربية إضاءات نقدية معاصرة.جامعة الكويت، مجلس النشر العلمي. لجنة التأليف والتعريب والنشر.
الوطن (1432ه-2011م). جائزة إسبانية للأمريكي هوارد جاردنر. الكويت: السبت 14-5-2011م، السنة 50 العدد 7154-12707.
اليربوع، مريم صالح (2012م). ما قبل المدرسة: مدارس ريجيو إميليا التعليم الإبداعي للأطفال. مجلة المعرفة السعودية: العدد 210.
اليونسكو (2009م). الفلسفة مدرسة للحرية: تعليم الفلسفة وتعلم التفلسف: وصف الحالة الراهنة واستشراف المستقبل. منشورات اليونسكو.
أهم المراجع الأجنبية
“Al-Farabi.” Microsoft® Encarta® 2009 [DVD]. Redmond, WA: Microsoft Corporation, 2008.
Armstrong, A (2009). When Cultures Connect: Multiple Intelligences Theory as a Successful American Export to other Contries. In: Multiple Intelligences Around The world. Jie-Qi Chen-Seana Moran, Howard Gardner: Editors. Jossey-Bass; 1 edition (July 7, 2009).
Armstrong, T (2010). Dr. Thomas Armstrong. http://www.thomasarmstrong.com
Bucknall, S (2012). Children as researchers in primary schools. 1ST . NY: Routledge.
Campbell. B & Campbell. B (1999). Multiple Intelligences. & Student Achievement: Success Stories From Six Schools. VA: Association for Supervision and Curriculum Development.
Chen, J (2009). China’s Assimilation of MI Theory in Education: accent the family and Harmony. In: Multiple Intelligences Around The world. Jie-Qi Chen-Seana Moran, Howard Gardner: Editors. Jossey-Bass; 1 edition (July 7, 2009).
Cheung,, H (2009). Multiple Intelligences in China: Challenges and Hopes. In: Multiple Intelligences Around The world. Jie-Qi Chen-Seana Moran, Howard Gardner: Editors. Jossey-Bass; 1 edition (July 7, 2009).
Darity, William A (2008). International encyclopedia of the social sciences. 2nd ed. Detroit : Macmillan Reference USA.
Detterman, Douglas K. “Intelligence.” Microsoft® Encarta® 2009 [DVD]. Redmond, WA: Microsoft Corporation, 2008.
Education and technology : an encyclopedia / edited by Ann Kovalchick (2004). ABC-CLIO, Inc: Santa Barbara, California.
education, philosophy of. (2011). Encyclopædia Britannica. Encyclopaedia Britannica Ultimate Reference Suite. Chicago: Encyclopædia Britannica.
Gardner, H (2009). Birth and the Spreading of a “Meme”. In: Multiple Intelligences Around The world. Jie-Qi Chen-Seana Moran, Howard Gardner: Editors. Jossey-Bass; 1 edition (July 7, 2009).
Gardner, H (2011). Howard Gardner. http://www.howardgardner.com
Gardner, Howard (2011). Truth, beauty, and goodness reframed: Educating for the virtues in the 21st century. New York: Basic Books.
Gillot, L & Sibiril, V (2005). Dealing with MOM: how to understand your changing relationship. New York: HNA.
Glatzer, Nahum Norbert. “Averroës.” Microsoft® Encarta® 2009 [DVD]. Redmond, WA: Microsoft Corporation, 2008.
Gorman, M (2012). Music & Learning in perfect Harmony. In USA Today: Guide to kid’s Health. Summer 2012.
Gray, C & Macblain, S (2012). Learning Theories and childhood. 1st ed. London: Sage.
Guttridge, J (2007). The New Science Teacher’s Handbook: How to be an effective and successful teacher. New Delhi: Viva Books Private Limited.
Haynes, J (2008). Children As Philosophers: Learning Through Enquiry and Dialogue in the Primary Classroom. Routledge. UK.
Hubbard, L. Ron. (2011). Encyclopædia Britannica. Encyclopædia Britannica Ultimate Reference Suite. Chicago: Encyclopædia Britannica.
intelligence test. (2011). Encyclopædia Britannica. Encyclopædia Britannica Ultimate Reference Suite. Chicago: Encyclopædia Britannica.
intelligence, human. (2011). Encyclopædia Britannica. Encyclopædia Britannica Ultimate Reference Suite. Chicago: Encyclopædia Britannica.
Kaya, O & Selcuk, Z (20009). Multiple Intelligences in Practices in Turkey. In: Multiple Intelligences Around The world. Jie-Qi Chen-Seana Moran, Howard Gardner: Editors. Jossey-Bass; 1 edition (July 7, 2009).
Kornhaber, M. L. (2007). Howard Gardner. In Fifty modern thinkers on education: from Piaget to the Present. Palmer، J O (ed). London: Routledge.
MacDougall, J & Trotman, D (2009). “Doing Theory” on Education. In: An Introduction to Education Studies. Edited by Sue Warren.
Malek, J. (2005). Educational Principles for Children and Youth Leadership. Unpublished doctoral Thesis. Washington International University.
Mitchell, G (2008). psychology in Education. In An Introduction To The Study Of Education. Edited by David Matheson. Third edition: NY: Routledge.
Noblet , G (2011). Unpacking the meaning of school reform: A social foundations perspective. Handbook of Research in the Social Foundations of Education (2010). Steven Tozer. Routledge; UK.
President and Fellows of Harvard (2011). Howard Gardner. http://pzweb.harvard.edu/pis/hg.htm
Putin, D. W (2005). In Teaching Social Foundations of Education: Contexts, Theories, and Issues (Sociocultural, Political, and Historical Studies in Education). Dan W. Butin (Editor). Routledge (April 30, 2005): UK.
Scientology. (2011). Encyclopædia Britannica. Encyclopædia Britannica Ultimate Reference Suite. Chicago: Encyclopædia Britannica.
Smith, Mark K. (2002, 2008) ‘Howard Gardner and multiple intelligences’, the encyclopedia of informal education, http://www.infed.org/thinkers/gardner.htm.
Walters, J & Gardner, H (1985). The Development & education of Intelligences. In: Essays on the Intellect. Edited by Frances R. Link. VA: Association for Supervision and Curriculum Development.
Webber, Laura. A. (2002). Intelligence. In: Child Development. Editor in Chief: Neil J. Salkind. Macmillan Reference USA.
1 (وطفة، 2012م، باختصار، في ماهية التفلسف عند الأطفال، موقع حركة مصر المدنية).
2 هل يتفلسف الأطفال حقا؟ موقع منارات: http://www.manaratweb.com/news.php?newsid=8942