أم أحمد رائدة من رواد مدرسة الحياة
أ.د. لطيفة حسين الكندري — أ.د. بدر محمد ملك
اضاءات
-
هذه نظرات وكلمات من فيض الخاطر ووحي المحبة
-
يجود الزمان بالعديد من النفحات لتلهمنا معاني الصمود أمام النكبات
-
امرأة أمية تقودنا نحو منابع التربية والتعليم بالحب
-
فضل الله يؤتيه من يشاء فتُكتب سطور تلو السطور عن امرأة لم تكتب حرفا
-
امرأة لم تحصل على التعليم ولكنها عشقته وربت الناشئة على التفاني في طلبه
-
وللصدقات في حياة أم أحمد حكايات وحكايات
-
عجبا لأمر المؤمن إذا عشق الصدقات فإنه يضرب أفضل الأمثلة في التضحيات
-
التاريخ يشهد بأن تضحيات الأم البسيطة الحكيمة تصنع تاريخا مضيئا للمجتمع يعجز الوصول إلى مثيله كثير من الفضلاء.
-
امرأة لا تعرف الكتابة استنهضت الهمم لنشر ثقافة الحب الأهل والوطن والعمل.
-
التربية الغير النظامية التي تكون خارج أسوار المدرسة من أقوى وسائل التربية لا سيما إذا كانت وحي تجربة حية وشخصيات واقعية لا تهدف إلى مصالح ذاتية أو غيرها
-
قد يغفل المؤرخون عن تدوين سيرة عامة الناس ويلتفتون فقط إلى كبار الساسة وكبار العلماء وهذه خسارة فادحة
مقدمة
لم تبخل أم أحمد على الأبناء أو الأحفاد وأولادهم كما لم تبخل على الناس، إذ جادت عليهم بالحب والمودة والرحمة ووجدت في مجتمعنا الكريم من المحسنين والحكماء وأصحاب الأفئدة المؤمنة والضمائر الحية من يقف معها، ويعزز بأسها، ويساند خطواتها نحو الخير. إنها فاطمة حسين محمود التي وفقها المولى سبحانه إلى أن تدخل إلى قلوب من حولها ومن سمع عنها أو تعامل معها. عاشت مع جيل الكدح والفقر وشهدت أجيال الرخاء واليسر ووعت بذاكرتها مشقة الماضي وسعة الحاضر.
لقد فارقتنا هذه المرأة الصالحة قبل أيام إذ أخذ المولى سبحانه أمانته فقبض روحها، ورفع ذكرها. لا ريب لدينا ونحن الذين تخصصنا في العلوم التربوية أن جوانب النجاح في حياة هذه المرأة المتواضعة الخلوقة كثيرة تستحق التبصر بها والتخلق بآدابها ففي مطاويها العديد من العبر والعظات لأولي الألباب وسنتناول في هذه المقالة القصيرة ومضات من ضياء سيرتها. نكتب هذا عن معايشة ومعاينة استمرت ما يقارب من خمسين سنة.
أم صامدة ولربها ساجدة
إنها أم كويتية ولدت عام 1927م وعاشت 85 سنة في رحلة كفاح وألحان حزينة تارة وسارة تارات أخرى. تركت أم أحمد بعد حياة حافلة بالعطاء إرثا مباركا في علامة على مجتمع مبارك. تتسم تربية أم أحمد بكل دلالاتها ومجالاتها وتفصيلاتها بالبساطة والعفوية فهي امرأة في غالب شئونها لا تتحرك إلا بفطرتها الإنسانية السليمة وذائقتها المُحبة للسلام والإحسان وطاعة الرحمن. لقد طبَّقت تلك الأم الطاهرة روح الإسلام ومقاصده فيما يتصل بتربية الأيتام وصبرت عندما داهمتها عواصف الفتن، وأحاطت بها أعاصير المحن بفقد زوجها ولاحقا ابنها ثم ابنتها. وقع الابتلاء لهم وهم في عز شبابهم.
الوفاء للزوج
أربعون سنة بعيدة عن زوجها، وفية لذكراه، معظمة لمحبته، فخورة بزواجها، شاكرة لربها. من هذا الوفاء نستدل على دور المودة والرحمة في الحياة الطيبة والزواج المبارك في البيئة الفقيرة أو الغنية يصنع العظماء نتعلم من مدرستهم فنون العطاء. أضحت أم أحمد زوجة صابرة محتسبة علمت الناشئة من حولها حب الوالد فهو باب من أبواب الجنة فلم ينقطع الحب والود والوفاء ولم تستطع الأيام أن تمحو الذكريات مع زوجها بل في فراش المرض ومع كل الجراح المفتوحة والنازفة ورغم كل الآلام تسجل أم أحمد لمن حولها صدق مشاعرها إزاء زوجها الذي زايل الوجود منذ أكثر من أربعين سنة. يشعر المرء بالهيبة من شأن الزواج وهو يرى الميثاق الغليظ الذي جمعهما باسم الزوجية. أم أحمد نموذج للزوجة الوفية التي حفظت بحب زوجها وورثت هذه المحبة لمن بعدها.
بريق الضوء في حضنها
ظهر وميض الضوء في حضنها وهي تربي الأيتام فحضتهم على العلم وزينته في صدورهم فتوجه خمسة من أبنائها نحو مهنة التعليم وغدا منهم الكاتب والباحث والمفكر والمحاضر. وسار الآخرون من أبنائها نحو ميادين أخرى وأسسوا جميعا أسرا متماسكة وغرست في أولادها وأحفادها حب الصدقة والمحسنين والفقراء والأيتام، ومحبة الوطن ، والرفق في الأمور، وكانت مثالا رائعا لوحدة الأسرة وصدق التلاحم. لقد كانت تدير بيتها بالحب وتتواصل مع أصدقاء العائلة بسماحة وتعشق التواصل الاجتماعي. أحب الناس فيها خلقها السمح ووجها الباسم وأمستابتسامتهابلسما لمحبيها كلما أشرقت ابتسامة على محياها وتألقت عيناها بوميض مشرق. كانت رحمها الله سريعة المدمع، رقيقة القلب، عفيفة اللسان، دائمة لذكر الله جل ثناؤه. كانت تتعاهد أصدقاء أولادها وبناتها وتسأل عنهم رغم كبر سنها وصعوبة حركتها.
حديثها العذب عن معاني الشكر واحسان الظن بالناس تعضد دواعي التكافل وحسن الظن والتغافر والتعاون. كانتتتفقد الفقراء وتسأل عن المحتاجين ونالت ثقة أهل الفضل في بلدنا فيبعثون لها ما يسد عوزهم وهي تشرف على ذلك كله بقلب حاضر وجد واجتهاد لا يعرف الكلل أو الملل. حياتها لحن كويتي شجي يقول يا يمه الناس للناس والكل بالله. إن تربيتها العفوية لا تفرق بين المذاهب والأعراق فالكل أولادها والإحسان إليهم أكرم عبادة في حسها الإنساني اليقظ، وقلبها المؤمن الطاهر. كانت آية في حسن الجوار فكانت دائمة الذكر لمحاسنهم فكأن جيرانها من بقية أهلها لا تنساهم فتتعاهدهم بانتظام وزيارتهم لها تثلج الصدور، ومبعث السرور. ولم تنس جيرانها الذين سكنوا في المقرب منها في شرق قديما ولم تنس من انتقل منهم إلى منزل آخر …تذكر محاسنهم وتنمي الخير .
الابتلاء العظيم
مرت أم أحمد بابتلاءات شديدة في مرضها حيث تم بتر ساقها وخضعت لعمليات جراحية متتالية في فترة زمنية قصيرة. وكان تبديل جرحها يوميا من أشد الابتلاءات في حياتها وحياة من يعرفها. ورغم كل ذلك لم تنس أن تتصدق للفقراء في أصقاع العالم. وللأمانة فللصدقات في حياة أم أحمد حكايات وحكايات. عندما دخلت العناية المركزة لبضعة أيام وغابت عن الوعي واشدتمحنتها وكان حسها الإيماني إلى جانب اللاشعور يذكرها بشأن الصدقات التي اعتادت عليها فإذا رجع لها وعيها تسأل عن فلانة وفلانة …هل قدمتم لها مساعدتها الشهرية وكانت أيضا تحرص على أن تتصدق على الشغالات في المستشفى وهي في غرفة العناية المركزة وقبل وبعد ذلك.حدثت هذه المواقف الموفقة في ظل ذهول الأهل والأقرباء وتقدير ودعاء لها.لم تستطع آلامها ومرضها من أن تمنعها من أن تشفق على الفقراء هكذا كان معظم حال أم أحمد رحمها الله. عجبا لأمر المؤمن إذا عشق الصدقات فإنه يضرب أفضل الأمثلة في التضحيات. كانت لسنوات عديدة تضع حصالة لجمع التبرعات للفقراء في الصالة في كل يوم جمعة بعد صلاة المغرب حيث اجتماع العائلة الأسبوعي. وعندما تصل إليها شهادات الشكر وتقارير دراسة الفقراء تكون فخورة بذلك وتقول لنا اجعلوا الأحفاد يسيروا على هذا النهج.
زوجات أولادها
اعتنت بزوجات أولادها (خمس زوجات) حيث تشرفن بالعيش معها في المنزل لسنوات عديدة فكانت نعم الخالة في كرمها وتسامحها وتغافلها وتوجيهها لهم ولأحفادها. كانت أماً حنونة لهم توجههم برفق وتأمر أولادها بالإحسان في التعامل معهن وتأمر بتكريمهن فكن حقا سيدات البيتوكن صدقا عزيزات المكانة، رافعات الرأس فخورات بأنفسهن. وعندما توفيت أم أحمد كان حزن زوجات الأبناء لا يقل بحال من الأحوال عن أولادها. لم تكنأم أحمد غفر الله لها خالة متغطرسة ولم تكون امرأة متسلطة بل كانت مصدرا من مصادر الحب ونبعا من منابع الطمأنينة والتعلم حيث تُعَلم كل من عاشرها حب الناس والحرص على التواصل معهم، والإحسان إليهم، والتجاوز عن زلاتهم.
لا تقبل أم أحمد لكائن ما كان أن يجرح أحدا زوجة أي ولد من أولادها وكانت تقول عنهن “أنتن بناتي” بل تقول “عمرك ما قصرت معي”. كانت تغتنم الفرص الاجتماعية فتتحدث عن محاسنهن من باب {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}الضحى11. وإذا مزح أحد الأبناء معها فقال أريد أن أتزوج على زوجتي غضبت …. كانت إذا ولدت الواحدة منهن تذهب إليها ولوكانت ولادتها في بلد بعيد. تذهب لتعتني بالمولود الجديد وتباركه بأنفاسها وتسلي الأم وتخفف الأعباء عنها.
وتفوقت أم أحمد في حث زوجات أولادها في طلب العلم وكانت تحمل الصغار وتشرف على رعايتهن إلى حين عودتهن من كلية التربية وبعد حضورهن أيضا. كانت بحر إرادتها وكامل وعيها تصر على تشجيعهن ليصبحن معلمات للأجيال واستجاب الله لدعائها وبارك في “جنَّاتها”. كانت الخالة أم أحمد لهن جميعا روح وريحان لأرواحهن بل قرة عين لهن ولأهاليهن.
الخادمة مخدومة
علمتنا الغالية أم أحمد حسن التعامل مع الشغالة في المنزل والرفق بها فلقد كانت معاملتها الرائعة لخادمتها سببا في مكوثها معها لأكثر من 35 سنة ولا زالت إلى اليوم في الدار تجلس لتتلقى العزاء ويُقِّبِل الأحفاد رأسها اليوم اكراما لجهودها الوفية،وبرا بجدتهم الغالية. كانت دائمة السؤال عن الخدم تسأل عنهم وتحض الجميع على الإحسان إليهم بل تعرف معظم الشغالات اللائي يعملن في بيوت الأبناء والبنات وتصل بعضهن بالصدقات بعد عودتهن لبلادهن.
وفي هذا السياق الإنساني الرفيع كانت ترسل الطعام للفقراء ووضعت لنفسها خطة بسيطة ولكنها طموحة وعميقة الأثر تربويا حيث وضعت استقطاعات من راتبها في كل سنة لجهة من جهات الخير فتارة لحفر بئر وأخرى لإطعام الفقراء أو كفالة الأيتام وكلما انتهت من أداء الواجب تجاه فئة محددة انتقلت إلى أخرى وكانت ترفض أن توقف استقطاعاتها البنكية إلى آخر يوم في حياتها. عسى الله أن يتقبل عملها ويبارك فيه.
أجمل ليالي العمر
من أجمل ليالي العائلة عندما احتشد الجميع في منزل العائلة بعد تخطيط دام عدة أسابيع دون علم أم أحمد. وكانت مفاجأة سارة لأم أحمد إذ لبس الجميع باجات على صدورهم فيها صورتها وتحمل كلمات الوفاء. في تلك الليلة المباركة انهالت الهدايا على أم أحمد والكل بفرح غامر يلتقط الصور والابتسامات تعطر المجلس في بيتها العامر. حدث ذلك قبل بضع سنوات وكانت من أجمل الذكريات عندما صور الأبناء معها، ثم الزوجات، ثم الأحفاد. إنها نقوش في ذاكرة الأسرة وكل فرد فيها ممن استطاع الحضور.
أم أحمد والديوانية
كانت أم أحمد ترفض وتكره الهجران وتبذل وسعها في اصلاح ذات البين. جعلت أم أحمد تأليف القلوب والتعرف على الأحباب أساس مجلسها وأساس سفراتها المعدودة. وجد النساء في شاي الضحى في بيتها روضة من روضات الألفة وسعة الصدر وجلاء الهموم.من الصعب بل من المستحيل أن تعرف منهم الضيوف فالكل يعتبر البيت بيته بل قد يحضر بلا موعد ويقوم ويصب الشاي معها فلا تعرف الخادم من المخدوم. صديقات ابنتها “حصة” قمة في الوفاء والرقة في التعامل معها بل أصبحن حقيقة بنات أم أحمد . هذه نعمة كبيرة في مجتمعنا لم لا يسلط الإعلام عليها فينميها ويزكيها ويحميها؟
كانت إلى جانب كل ذلك وثيقة الصلة برواد ديوانية أولادها.حملتأفراح وهموم “الديوانية” التي في بيتها فلا يوضع الطعام إلا وخصصت سهما لرواد ديوانية ابنها عبدالله ملك المعروف بعبدالله اليرموك وهي ديوانية يغلب عليها الطابع الرياضي . وكانوا يطلبون منها ما يريدون بل ويمزحون معها ويجدون نفَسها الجميل في طعامها وبخورها وعطورها ودعائها. وفي مجتمع الخير مثل مجتمعنا يجد الشباب متعة في التحاور مع كبار السن والسؤال عن أحوالهم. في مرض الموت كانت توصي بهم خيرا وتسأل عنهم وتطلب منهم الدعاء وأحيانا تمزح معهم بلطيف القول. أعظم لحن سمعناه من شباب الديوانية “يمه شلونك”.
المحسنون في بلدنا
منذ نعومة أظفارنا ونسمع فضل أهل الخير في بلدنا في مجالس أم أحمد. حببتنا بمواقف الشهامة لديهم . أهل الخير في بلدنا في ساعة الضيق والعسر علامة على نقاء نفوسهم وكانت تدعو لهم وتروي قصصا لا حصر لها عن جودهم لا سيما تجاه الأيتام. وصفها لأهل الخير ومدح محاسنهم تجعل السامع يراهم رأي العين من صدق كلماتهم وروعة مواقفهم. أيام الله نعماؤه وبلاؤه وفي كل الأحوال كان المحسنون في بلدنا الحبيب عونا لها فما أن تتحدث عن محتاج حتى يتنافس المتنافسون لنيل الأجر والحصول على شرف المبادرة في خدمة المحتاجين. من عاش بقرب أم أحمد يدرك ذلك يقينا ويحمد الله على روعة التكافل الاجتماعي في بلدنا والفضل وحده لهذا الدين الإسلامي الكريم الذي علمنا {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} الذاريات19. كانت أم أحمد مع ابنتها فوزية يقومان بجهد عظيم في هذا الجانب نسأل الله سبحانه قبول ذلك.
من وحي حياتها
من أقوالها المأثورة التي يمكن أن نستنبطها من وحي ورحيق إرثها الثري: الكويت نعمة وجنة الله لا يغير علينا أمننا وعزنا-يا يمه ادرس وتعلم، كتابك مستقبلك..يا يمه قلمك يخليك عزيز- خلكم مع بعض ..لا تقطعون الزيارات …لأن الناس تريد الأنس والصداقة وحسن الرفقة أما الله سبحانه فهو وحده الذي لا يريد شريكا ولا أنيسا ولا رفيقا-يارب ارزقنا صبر أيوب عليه السلام-الأنهار في الدنيا جميلة فكيف يكون جمالها في الآخرة-إذا كانت الأنهار والجبال بهذا الجمال فكيف بجمال الذي خلقها سبحانه وتعالى- يا يمه تصدق الله يزيدك ويأخذ بيدك- لازم يا يمه نحب المساكين – اللي بديرتنا الله يحاسبنا عنهم فتصدقوا عليهم-اختك ازرع لها وردود الحب في فؤادك وإياك أن تزعجها أو(تزعلها)”الظفر ما يطلع من اللحم”. المحسنون في بلدنا شامة في خدنا. لا تعامل أخوك بالعدل فحسب بل ارتفع لتتعامل معه بالفضل والفضل في مكانه درجة أعظم من العدل.
تربية العزة لا الخنوع
This will greatly determine how to prepare the structure for the http://robertrobb.com/wanted-a-better-way-to-select-presidential-nominees/ buy generic cialis display.
لم يشعر أبناؤها يوما بذل الفقر أو اليتم أو النقص أو الخوف بل على خلاف ذلك لا زالوا أعزة نفس أحرارا بفضل الله سبحانه. لا زالوا يبذلوا الغالي والنفيس لخدمة الناس والإحسان في عملهم وتعظيم شعائر الله جل ثناؤه، والصبر على مصائب الدهر بالاعتصام بمقاصد الدين واللجوء إلى الركن الركين المتمثل باليقين برحمة رب العالمين. هذه تربية أم أحمد لأبنائها وبناتها وأحفادها ومن يحيد عن ذلك منهم نسأل له الهداية في القول والعمل والاعتقاد. هؤلاء جميعا ثمرة تنشئة قويمة لا تنقصها الحصافة ولا تحتاج إلى مزيد حكمة، عاشت بها وفيها ولها أم أحمد فكان نعم المسلك.
تعاملت أم أحمد مع الجميع بالفضل والعدل والرحمة فرسمت بسيرتها صورة للمرأة التي تصنع الصفحات الناصعة في تاريخ مجتمعنا وأمتنا وسجل الإنسانية. إنها ثمرة لتربية تجلت عظمتها عبر الأحداث الجارية وأثبتت المحن صدق معدنها. اجتازت أم أحمد -بفضلالله سبحانه- لهيب المحن المتأججة، والليالي الرهيبة فكانت أكثر احسانا وأعظم عطاءا.قد تعجز المدارس النظامية في كثير من الأحيان عن ايجاد مثل هذه الأمثلة الفريدة من النساء فالله يصطفي من يشاء منهن ويهبهن الحكمة العزيزة ويعلمهن عبر الخبرة الغزيرة.
دعاء من وحي الحب
قال أهل الصلاح لك وعنك يا أم أحمد: الله يبتليك ليكفر عنك السيئات، ويرفع لك الدرجات، ويبتليك ليقربك إليه ، ويرفع مقامك وشأنك، ويبني لك بيت الحمد في جنة الخلد، فهو العلي العظيم، الحكيم الرحمن الرحيم. أنت يا أم أحمد ربيت الأيتام وطبعت فيهم حب الناس ويكفيك بذلك فخرا وسؤددا. يا أم أحمد دعواتك لنا بركة، وزيارة منزلك سعادة، وسماع صوتك نعمة.
منذ الثمانيات من القرن الماضي ونحن نكتب وننشر عشرات الكتب والدراسات والمقالات ولكن المقالة الراهنة تتفرد بأننا كتبناها بدموع غزيرة ولا نقول إلا اللهم اجعل نظائر أم أحمد كثيرة كي تكون حياة مجتمعاتنا طيبة تفيض بالرحمة والصدقة والبسمة والتلاحم.
مؤشرات ومبشرات
في بداية التسعينات بدأ أحد أبناء أم أحمد بكتابة كتاب تحت عنوان قصص رواها الرسول صلى الله عليه وسلم وكان الإهداء لأم أحمد ثم صدر الجزء الثاني من الكتاب ثم تحول الكتاب نفسه إلى مشروع أكاديمي فتحول إلى رسالة ماجستير ثم مشروع للحصول على شهادة الدكتوراه. كانت أم أحمد في فترات غياب أولادها تدخل المكتبة وتفتح المكيف حرصا منها على بقاء الكتب في صورة جيدة. كانت تتعاهد الكتب بالنظافة كيف لا وأم أحمد عاشقة للنظافة في ملبسها وعطوراتها وبيتها.
وفي يوم انتهاء العزاء مؤشرات ومبشرات شرحت صدورنا وواست جراحنا حيث هرع الألوف من الرجال والنساء لأداء الواجب في توديع أم أحمد، والدعاء لها، والتحدث عن سيرتها العطرة، ومواقفها الفريدة، وصبرها واحتسابها …وأبت السماء إلا أن تمد أرجاء البلد بمطر مبارك متواصل نسأل الله أن تكون أمطار رحمة ومغفرة لجميع أمواتنا.
مقامك رفيع
في وداع العظيمات لا نقول إلا وداعا يا فاطمة,
يا أرق نسمة، ويا أحلى بسمة,ويا أعظم بصمة,
وداعا يا فاطمة, يا خير خالة، وأحسن أم، وأجمل جدة، وأفضل معلمة
وداعا يا من وهبت التربية بمربين ومربيات عشقوا المعرفة وابدعوا في فنونها
وداعا يا من أحبت الناس غنيهم وفقيرهم وفرحت بأفراحهم وبكت لهمومهم
وداعا يا فاطمة الجميلة في اسمها ورسمها وسيرتها
لا نستطيع الوفاء بحقك فحقك أعظم وأكرم,
عذرا يا أم أحمد فأقلامنا قد تقف على التلال وأحيانا قد تصل إلى الجبال ولكن مقامك في قلوبنا رفيعكرفعةالهلال.
خاتمة المسك
اللهم انفعنا بسيرة أوليائك من الصالحين ومن استضاء بنورك،اللهم ألهمنا فعل الصالحات وطهرنا بالثلج والماء والبرد. اللهم ارزقنا طيبة العجائز، ونقاء قلوبهم، وصفاء سريرتهم ، وجمال وجدانهم، ونور سيرتهم. اللهم أورثنا الخير من سيرة وفكر من كان من عبادك تقيا نقيا، يا ذا الجود والإكرام، ويا ذا المجد والجلال اجعل أم أحمد في زمرة الزهاد، واجعل نزلها خير مقاما وأحسن نديا، واجعلها بكرمك ومنتك وسترك وفضلك ورحمتك في صحبة خير الأنبياء وحسن أولئك رفيقا وذلك تحقيقا لقول الحبيب صلى الله عليه وسلم “أنا وكافل اليتيم كهاتين”؛ وصدق الصادق المصدوق فنحن جميعا به موقنون ولرحمة الله متطلعون وطامعون وطامحون. اللهم تقبل الدعاء وارحم والدينا. {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم41. اللهم آمين
تعليقات على مقالنا أم أحمد رائدة من رواد مدرسة الحياة
هذه تعليقات على مقالنا زودني بها د. جاسم ملك فله جزيل الشكر، والشكر موصول لكل من كتب إلينا أو اتصل فينا أو حضر إلينا أو خصنا بدعوة صالحة. هذه التعليقات هي بعض ما ورد وجميعها تدل على تضامن المجتمع المسلم من جانب، وحب الناس لحكايات الصالحين والصالحات من مثل سيرة أم أحمد رحمها من جانب آخر.
أختكم لطيفة الكندري
للاطلاع على المقال الأصلي:
http://latefah.net/artic1.aspx
معتز مهدى الفحل
أحسن الله عزاءكم فى فقد والدتكم الكريمة و نسأله سبحانه و تعالى أن يسكنها فسيح جناته مع الأنبياء والصديقين والشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا” . حقا” إن من أنجبت و ربت مثلكم لم تمت ولكن ستبقى حياتها ممتدة و آثارها باقية فيكم وفى أبنائكم و تلاميذكم. بل حتى نحن نالنا نصيب من ذلكم الفيض الكريم.
محمود عبدالجليل
وأنا أقرأ سيرة أم أحمد لم أتمالك نفسي من البكاء الشديد فقلت لنفسي فكيف حال من كتبها ولكن حقيقة تعلمت من حياتها الكثير من الدروس الهامه وأنا علي ثقه بأنها هي مصداق لقوله تعالي يا أيتها النفس المطمئنة وحقا علينا أن ندعي لها في كل وقت ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا
علي بودريد
كنت اقرأ هذه السيرة العطرة لوالدتكم الغالية رحمة الله عليها وقد تجلت بأبهى حلة من مكارم الاخلاق وعلو الهمة وصاحبة قلب يتسع لجميع الناس. قرأت الاسطر ولاشعوريا اقرورقت عيني بالدموع لأني شعرت من قبل بفراق أغلى الناس. ولكن هنا تحسرت لأني لم اعرف والدتك عن قرب ولم أتشرف بالسلام عليها بالرغم من علمي بطيبتها وحلو معشرها
يبقى الحزن لفراقها وغياب حسها ولكن العزاء بما اختصها الله بتلك الخصال الحميدة والتي أجمع كل من عرفها وأثنى على أفعالها وخيرها. نسأل الله بهذه الليلة المباركة أن يكون كل عمل قامت به أم أحمد مرضاة لله أن يكون نورا لها في قبرها …
ويبقى الدعاء هو السبيل الذي يشعرنا بقرب أحبائنا منا .
منى السهيل
حفظك الله بحفظه
كلمات راقية بارة لامجاملةً فيها
أحسست وأنا أقرأها وكأنني أنتقل
من مشهد إلى مشهد تربوي راقي نتمنى أن يعود ذلك الإخلاص في التربية لله وفي الله
حقاً إنهم كنوز إن حضروا وإن غابوا
أسأل الله لها المغفرة والرحمة وأن يرزقها المراتب العلى من الفردوس
خديجة الطوقي – عمان
ونحن نقول لم نعرفك يا ام احمد يا أمي فاطمه ولكن دخلتي قلوبنا وأحببناك فأنت الأخلاق والكرم والصدق صفاتك فيارب ارحمها واجعل الفردوس دارها وأجمعها وزوجها وأولادها ومن تحب في أعلى الجنات … لا تخافي يأم احمد فإنك تركت نعمة الأبناء ونعمة التربية ..
الله يصبركم دكتور ويثبتكم يارب
اللهم آمين
كلام عظيم في حق امرأة عظيمه
تصبح على طاعة الرحمن
صفاء دشتي
كلام نفيس وعظيم
لإمرأه أجبرت الناس بوضع مكانها على الرأس
نعم تاجٌ يفخر به كل من حمله
تقبل يارب طاعتها
واجعل مثواها مثوى الصالحين
ارحمها برحمتك وعطفك واشملها بفسيح جناتك مع الأخيار والمؤمنين
يارب العالمين
آمين.
منى حولي
والله ان القلب ليحزن و ان العين لتدمع لفراق مثال يقتدي به في العطاء و الرحمه و الكفاح فعلا قصه مؤثره بل أصبحت أم أحمد رحمها الله قدوة و معلمة في مدرسة الحياه . اسأل الله عز وجل أن يجعل قبرها روضة من رياض الجنة